الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                ، وكتبت في الفوائد أن القصاص كالحدود إلا في سبع مسائل : 30 - الأولى : يجوز القضاء بعلمه في القصاص دون الحدود كما في الخلاصة .

                الثانية : الحدود لا تورث [ ص: 387 ] والقصاص يورث .

                الثالثة : لا يصح العفو في الحدود ، ولو كان حد القذف بخلاف القصاص .

                الرابعة التقادم لا يمنع من الشهادة بالقتل بخلاف الحدود سوى حد القذف .

                الخامسة : يثبت بالإشارة ، والكتابة من الأخرس بخلاف الحدود كما في الهداية من مسائل شتى .

                32 - السادسة : لا تجوز الشفاعة في الحدود ، وتجوز في القصاص .

                السابعة : الحدود سوى حد القذف ، لا تتوقف على الدعوى [ ص: 388 ] بخلاف القصاص لا بد فيه من الدعوى ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

                التالي السابق


                ( 30 ) قوله : الأولى : يجوز القضاء بعلمه في القصاص دون الحدود ، وإطلاقه في الحدود غير واقع موقعه ; لدخول حد القذف تحتها ، والحكم فيه بخلاف ذلك ، إلا أن يقال المطلق ينصرف للفرد الكامل ، وهي الحدود الخالصة لله تعالى فلا يرد حد القذف ; لأن فيه حق العبد ، ثم إن القضاء بعلمه في القصاص مبني على أن القاضي يقضي بعلمه في غير الحدود ، والفتوى اليوم على عدم جواز القضاء بعلمه مطلقا ; لفساد قضاة الزمان [ ص: 387 ] قوله : والقصاص يورث : ظاهره أنه لا خلاف ، وسيأتي في كتاب الفرائض أن فيه خلافا .

                ( 32 ) قوله : السادسة لا تجوز الشفاعة في الحدود إلخ : الشفاعة ضراعة عند المشفوع عنده ، سميت به ; لأنه يشفع الكلام الأول ، وهي سنة مؤكدة ، وقد صح { اشفعوا تؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ما شاء } ، ولما فيه من إعانة المسلم ، ودفع الظلم عنه ، ولا يكون في حد ولا حق لازم ، وإنما هي للذنب الذي يمكن العفو عنه ، وقد شفع الله عز وجل ، وفي مسلم لما حلف الصديق أن لا ينفق عليه فقال تعالى { ولا يأتل أولو الفضل } الآية قال النووي في شرح مسلم : وأجمعوا على تحريم الشفاعة في الحدود إذا بلغ الإمام ، وأنه يحرم التشفيع فيه ، فأما قبل بلوغ الإمام فأجازه أكثر العلماء إذا لم يكن المشفوع فيه صاحب شر ، وأذى للمسلمين ، فإن كان لم يشفع فيه .

                وأما المعاصي التي لا حد فيها ، ولا كفارة ، وواجبها التعزير فتجوز الشفاعة فيها ، والتشفيع ، سواء بلغت الإمام أو لا ; لأنها أهون ، ثم الشفاعة فيها مستحبة إذا لم يكن المشفوع فيه صاحب أذى .

                قال الزركشي في قواعده : وإطلاق الشفاعة في التعزير فيه نظر ; لأن المستحق إذا سقط حقه كان للإمام التعزير ; لأنه شرع للإصلاح ، وقد ثبت ذلك في أوقاته ، وفي مثل هذه الحالة لا ينبغي استحبابها .




                الخدمات العلمية