الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                تقسيم : في العقود : 10 - البيع نافذ وموقوف ولازم وغير لازم وفاسد وباطل . وضبط الموقوف في الخلاصة في خمسة عشر ، وزدت عليها ثمانية : تكميل : [ ص: 439 ]

                11 - الباطل والفاسد عندنا في العبادات مترادفان

                12 - وفي النكاح كذلك ، لكن قالوا : نكاح المحارم فاسد عند أبي حنيفة رحمه الله ; فلا حد ، وباطل عندهما رحمهما الله فيحد ، وفي جامع الفصولين : نكاح المحارم ; قيل باطل وسقط الحد لشبهة الاشتباه ، وقيل فاسد وسقط الحد لشبهة العقد ( انتهى ) . وأما في البيع ، فمتباينان فباطله ما لا يكون مشروعا بأصله ووصفه ، وفاسده ما كان مشروعا بأصله دون وصفه ، وحكم الأول أنه لا يملك بالقبض ، وحكم الثاني أنه يملك به . وأما في الإجارة فمتباينان ; قالوا لا يجب الأجر في الباطلة ، كما إذا استأجر أحد الشريكين شريكه لحمل طعام [ ص: 440 ] مشترك ، ويجب أجر المثل في الفاسدة ، وأما في الرهن فقال في جامع الفصولين :

                13 - فاسده يتعلق به الضمان ، وباطله لا يتعلق به الضمان بالإجماع ، ويملك الحبس للدين في فاسده دون باطله ، ومن الباطل : لو رهن شيئا بأجر نائحة أو مغنية ، وأما في الصلح

                14 - فقالوا : من الفاسد الصلح على إنكار بعد دعوى فاسدة . والصلح الباطل : الصلح عن الكفالة والشفعة وخيار العتق وقسم المرأة وخيار الشرط وخيار البلوغ ; ففيها يبطل الصلح ويرجع الدافع بما دفع كذا في جامع الفصولين . وأما في الكفالة فقال في جامع الفصولين : إذا ادعى بحكم كفالة فاسدة رجع بما أدى ; فالكفالة بالأمانات باطلة ( انتهى ) .

                15 - ولم يتضح الفرق بين الفاسد والباطل في الرهن والكفالة بما [ ص: 441 ] ذكرنا فليرجع إلى الكتب المطولة . وأما الكتابة ; ففرقوا فيها بين الفاسد والباطل ; فيعتق بأداء العين في فاسدها كالكتابة على خمر أو خنزير ; ولا يعتق في باطلها كالكتابة على ميتة أو دم كما ذكره الزيلعي . وأما الشركة ; فظاهر كلامهم الفرق بينهما فالشركة في المباح باطلة ، وفي غيره إذا فقد شرط فاسدة .

                فائدة . الباطل والفاسد عند الشافعية مترادفان إلا في الكتابة والخلع والعارية والوكالة والشركة والقرض وفي العبادات في الحج ، ذكره الأسيوطي رحمه الله

                التالي السابق


                ( 10 ) قوله : البيع نافذ وموقوف إلى آخره . أقول في العبارة قصور وحقها أن [ ص: 439 ] يقال البيع أقسام صحيح وفاسد وباطل ومكروه والصحيح نافذ وموقوف ولازم وغير لازم .

                ( 11 ) قوله : الباطل والفاسد عندنا في العبادات مترادفان . أقول في شرح النقاية للعلامة القهستاني أن الباطل ما انتفى ركنه أو شرطه سواء كان من قبيل العبادة أو المعاملة كصلاة بلا وضوء ونكاح بلا شهود وكثيرا ما يطلق الفاسد عليه وبالعكس والفاسد لغة الذاهب الرونق وشرعا ما وجد أركانه وشروطه دون أوصافه الخارجية المعتبرة شرعا كبيع خمر وصلاة بلا فاتحة ( انتهى ) . وقد علم منه أن الباطل والفاسد في العبادات غير مترادفين وهو غير غريب .

                ( 12 ) قوله : وفي النكاح كذلك . يعني أن الباطل والفاسد في باب النكاح مترادفان لأن ثبوت الملك في باب النكاح مع المنافي وإنما يثبت ضرورة تحقق المقاصد من حل الاستمتاع للتوالد والتناسل فلا حاجة إلى عقد لا يتضمن المقاصد فلا يثبت الملك ، فإن قلت : فإذا كان باطلا كيف ترتب عليه الأحكام كثبوت النسب ووجوب العدة وسقوط الحد وغيرها . ؟ قلت لتحقق شبهة العقد فإن هذه الأحكام مما تثبت بالشبهات كذا في حواشي فصول البدائع . [ ص: 440 ]

                ( 13 ) قوله : فاسده يتعلق به الضمان . في شرح الهداية لتاج الشريعة عند قوله ولا يجوز رهن المشاع ، واختلف أصحابنا في ذلك قال بعضهم : إنه باطل وهو اختيار الكرخي حتى لو قبض كذلك لا يدخل في ضمانه ولو قبض بعضه لا يكون رهنا إلا بتجديد العقد وقال بعضهم : إنه فاسد حتى لو قبض مشاعا يكون مضمونا ، ولو قبض مفرزا يعود إلى الجواز ( انتهى ) . ومثله في النهاية .

                ( 14 ) قوله : فقالوا من الفاسد الصلح على إنكار إلخ . أقول ما ذكره المصنف قول ضعيف والصحيح عدم اشتراط صحة الدعوى كما في شرح الوقاية وفي متن التنوير : الصلح عن الدعوى الفاسدة يصح وعن الباطلة .

                ( 15 ) قوله : ولم يتضح الفرق بين الفاسد والباطل في الرهن والكفالة إلخ . أقول دعوى عدم الاتضاح بما ذكر في الكفالة مسلم ، وأما في الرهن فلا ، هذا ولم يبين المصنف الفرق بين فاسد الدعوى وباطلها




                الخدمات العلمية