الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  [ ص: 27 ] النوع الثاني فيما يحدث في البدن من الأجزاء وهي ثمانية :

                                                                  الأول : شعر الرأس ولا بأس بحلقه لمن أراد التنظيف ، ولا بأس بتركه لمن يدهنه ويرجله .

                                                                  الثاني : شعر الشارب يندب قص ما طال عن الشفة منه ولا بأس بترك السبالين .

                                                                  الثالث : شعر الإبط تستحب إزالته في كل أربعين يوما فأقل .

                                                                  الرابع : شعر العانة تستحب إزالته بالحلق أو بالنورة في المدة المتقدمة .

                                                                  الخامس : الأظفار وتقليمها مستحب لشناعة صورتها إذا طالت ولما يجتمع فيها من الوسخ وليس في ترتيب قلمها مروي صحيح .

                                                                  السادس والسابع : زيادة السرة وقلفة الحشفة ، أما السرة فتقطع في أول الولادة ، وأما التطهير بالختان فلا بأس به في اليوم السابع من الولادة ، وإن خيف منه خطر فالأولى تأخيره .

                                                                  الثامن : ما طال من اللحية . روي عن بعض الصحابة والتابعين أخذ ما زاد عن القبضة ، وقال آخرون : " تركها عافية أحب " ، والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى الطول المفرط فإنه قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنبز إليه فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية . وفي اللحية عشر خصال مكروهة وبعضها أشد كراهة من بعض : خضابها بالسواد ، وتبييضها بالكبريت ، ونتفها ونتف الشيب منها ، والنقصان والزيادة فيها ، وتسريحها تصنعا لأجل الرياء ، وتركها شعثة إظهارا للزهد ، والنظر إلى سوادها عجبا للشباب وإلى بياضها تكبرا بعلو السن ، وخضابها بالحمرة من غير نية تشبها بالصالحين . فأما الخضاب بالسواد فقد روي فيه نهي لأنه قد يفضي إلى الغرور والتلبيس ، وأما تبييضها بالكبريت فقد يكون استعجالا لإظهار علو السن توصلا إلى التوقير وترفعا عن الشباب وإظهارا لكثرة العلم ، ظنا بأن كثرة الأيام تعطيه فضلا وهيهات ، فلا يزيد كبر السن الجاهل إلا جهلا ، فالعلم ثمرة العقل وهي غريزة ولا يؤثر الشيب فيها ، ومن كانت غريزته الحمق فطول المدة يؤكد حماقته ، وقد كان الشيوخ يقدمون الشباب بالعلم ، كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقدم " ابن عباس " وهو حديث السن على أكابر الصحابة ويسأله دونهم ، وقال " ابن عباس " - رضي الله عنه - : ما أتى الله - عز وجل - عبده علما إلا شابا ، والخير كله في الشباب ، ثم تلا قوله عز وجل : ( قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ) [ الأنبياء : 60 ] وقوله تعالى : ( إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ) [ الكهف : 13 ] وقوله تعالى : ( وآتيناه الحكم صبيا ) [ مريم : 12 ] وقال " أيوب السختياني " : أدركت الشيخ ابن ثمانين سنة يتبع [ ص: 28 ] الغلام يتعلم منه ، وقيل " لأبي عمرو بن العلاء " أيحسن من الشيخ أن يتعلم من الصغير ؟ فقال : " إن كان الجهل يقبح به فالتعلم يحسن به " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية