الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما فرغ من شروط صحته ومندوباته شرع في الجائز بقوله ( وجاز أعمى ) أي أذانه [ ص: 198 ] إن كان تبعا لغيره فيه أو قلد في دخول الوقت ثقة ( و ) جاز ( تعدده ) أي المؤذن في مسجد أو غيره حضرا وسفرا ( و ) جاز ( ترتبهم ) أي المؤذنين بأن يؤذن واحد بعد واحد ما لم يؤد إلى خروج الوقت ( إلا المغرب ) فيكره ترتبهم لضيق وقتها إن لم يؤد إلى خروج الوقت فيمنع كغيرها ( و ) جاز ( جمعهم ) بأن يؤذنوا سوية في المغرب وغيرها ( كل ) منهم يبني ( على أذانه ) يبتدئ حيث انتهى غير معتد بأذان صاحبه وإلا كره ما لم يؤد إلى تقطيع اسم الله ورسوله ( و ) جاز ( إقامة غير من أذن ) والأفضل كون المؤذن هو المقيم ( و ) جاز لسامعه ( حكايته قبله ) بأن سمع أوله فيحكي ما سمعه ثم يسبقه الحاكي فيحكي الباقي الذي لم يسمعه قبله أي قبل أن ينطق به وفي تسمية هذا حكاية ، تجوز إذ الحكاية المماثلة فيما وجد ( و ) جاز للمؤذن ( أجرة ) أي أخذها ( عليه ) وحده ( أو مع صلاة ) صفقة واحدة وكذا على إقامة وحدها أو مع صلاة وأولى أذان وإقامة كانت الأجرة من بيت المال أو من آحاد الناس ( وكره ) أخذ الأجرة ( عليها ) وحدها فرضا أو نفلا من المصلين لا من بيت المال أو وقف المسجد فلا يكره لأنه من الإعانة لا الإجارة ( و ) كره ( سلام عليه ) أي على المؤذن ( كملب ) أي كما يكره على ملب في حج أو عمرة وقاضي حاجة ومجامع وأهل بدع ومشتغل بلهو كشطرنج [ ص: 199 ] بناء على كراهته وأهل المعاصي لا في حال المعصية وشابة غير مخشية وإلا حرم لا على مصل أو متطهر أو آكل أو قارئ قرآن فلا يكره ( و ) كره ( إقامة راكب ) لأنه ينزل بعدها ويعقل دابته ويصلح متاعه وفيه طول وفصل بينها وبين الصلاة والسنة اتصالهما فإن طال جدا بطلت ( أو ) إقامة ( معيد لصلاته ) لتحصيل فضل الجماعة بعد أن صلاها فذا بخلاف المعيد لبطلانها ( كأذانه ) أي المعيد للفضل وأولى إن لم يرد الإعادة فيهما بخلاف من أذن ولم يصل فله أن يؤذن لها بموضع آخر .

التالي السابق


( قوله : إن كان تبعا لغيره فيه ) أي إن كان تابعا لغيره في أذانه ( قوله : وتعدده ) يحتمل أن الضمير راجع للأذان أي وجاز تعدد الأذان بمسجد واحد وعلى هذا فيدخل في كلامه تعدده من مؤذن واحد مرات في المسجد الواحد مع أنه مكروه كما قال سند نعم استظهر ح الجواز حيث انتقل لركن آخر منه ويحتمل أن الضمير عائد على المؤذن أي جاز تعدد المؤذن في مسجد أو غيره كمركب أو محرس وذلك بأن يكون شخصان أو أكثر كل واحد مؤذن بجانب من المسجد أو من غيره من الأمكنة المعدة للصلاة ( قوله : حضرا وسفرا ) راجع لقوله أو غيره فغير المسجد في الحضر كالمحرس وفي السفر كالمركب وليس راجعا للمسجد وغيره لأن المسجد لا يكون في السفر فإن أريد بالمسجد ما أعد لصلاة الجماعة وهذا يتأتى في الحضر والسفر كان قوله أو غيره مستغنى عنه فتأمل ( قوله : وجاز ترتبهم ) أي وهو أفضل من جمعهم الآتي ( قوله : بأن يؤذن واحد بعد واحد ) أي بأن يؤذن الأول ويفرغ ثم الثاني ويفرغ وهكذا ( قوله : فيكره ترتبهم لضيق وقتها ) أي وحينئذ فلا يؤذن لها إلا واحد منفرد أو جماعة مجتمعة ( قوله : إن لم يؤد ) أي ترتبهم إلى خروج وقتها ( قوله : وإلا كره ) أي وحينئذ فلا يحكى ويكره للجالس عنده يوم الجمعة أن يتنفل كالأذان الممنوع كما استظهره شيخنا ( قوله : ما لم يؤد ) أي اعتداده وبناؤه على أذان صاحبه إلى تقطيع اسم الله أو رسوله فإن أدى لذلك كما لو نطق أحدهما بالميم والحاء من محمد والثاني بالميم والدال حرم قال الشيخ أبو علي المسناوي لم أر هذا إلا ل عج ومن تبعه وانظر هل يصح هذا ؟ فإن الاسم إذا تقطع لتنفس ونحوه على نية التلفظ به لا يمنع وقد عللوا النهي عن قراءة القرآن جماعة بالتقطيع ومع ذلك قالوا النهي للكراهة لا أنه منع ا هـ بن ( قوله : وجاز لسامعه حكايته قبله ) أي وجاز لسامع أوله من المؤذن وقوله حكايته أي حكاية باقيه وقوله قبله أي قبل تمامه وسواء كان ذلك لحاجة أو لا والمراد بالجواز خلاف الأولى لأن متابعة الحاكي للمؤذن في لفظه مستحبة كذا قال شيخنا ( قوله : بأن سمع أوله إلخ ) أي وأما نطقه به قبل نطق المؤذن بأوله فلا يسمى حكاية أصلا فلا يكون آتيا بمندوبيته فيما يظهر قاله عبق ولا تفوت الحكاية بفراغ المؤذن بل يحكى ولو فرغ المؤذن منه كما قاله الشيخ أحمد الزرقاني ( قوله : تجوز ) أي فهو من باب إطلاق ما ثبت للجزء من الحكاية على الكل هذا إن لوحظ إطلاق الحكاية على المجموع أما إن لوحظ إطلاق الحكاية على ما لم يأت به المؤذن فقط كان من إطلاق ما ثبت للجزء على الجزء المجاور له ( قوله : وأولى أذان وإقامة ) بل ويجوز أخذ الأجرة على الثلاثة إذا استؤجر عليها صفقة واحدة ( قوله : أو وقف المسجد ) أي وأما ما وقف ليستأجر من غلته من يؤم بالناس في المسجد الفلاني فهذا من باب الإجارة كما قاله [ ص: 199 ] بعض الموثقين .

( تنبيه ) : قد جرت عادة الأكابر بمصر ونحوها بإجارة إمام في بيوتهم والظاهر أنه لا بأس به لأن الأجرة في نظير التزام الذهاب للبيت كذا في المج ( قوله : بناء على كراهته ) أي كما يقول القرافي والمعتمد حرمة لعبه وحينئذ فيحرم السلام على لاعبيه حال لعبهم ( قوله : وأهل المعاصي ) أي كالكافر والمكاس والظالم ( قوله : لا في حال المعصية ) أي لأن السلام عليهم في تلك الحالة حرام لا مكروه فقط ( قوله : وآكل أو قارئ قرآن فلا يكره ) أي ويجب عليهما الرد كما قال عج قال بن وفيه نظر فقد اقتصر ح على الكراهة فيهما قائلا إن ابن ناجي وشيخه أبا مهدي لم يقفا على ذلك أي على الجواز فيهما . والحاصل أن القول بجواز السلام على الآكل والقارئ هو ما رجحه عج قائلا إنه المذهب و ح اقتصر فيهما على الكراهة ورجحه بن ا هـ ( قوله : وكره إقامة راكب ) أي بخلاف أذانه فإنه جائز ( قوله : لأنه ينزل إلخ ) هذا تعليل بالمظنة فلا يرد من كان عنده خادم . والحاصل أن الكراهة مطلقا كان له خادم أم لا والتعليل المذكور بالمظنة ( قوله : بخلاف المعيد لبطلانها ) أي فلا يكره له الإقامة لتلك الصلاة التي يعيدها ( قوله : كأذانه ) أي أنه إذا أذن لصلاة وصلاها ثم أراد إعادتها لفضل الجماعة فيكره أذانه ثانيا لتلك المعادة ( قوله : وأولى إن لم يرد الإعادة فيهما ) أي فإذا أقام الصلاة وصلاها ولم يرد إعادة تلك الصلاة فيكره له إقامتها لجماعة يصلون أو أذن لصلاة وصلاها ولم يرد إعادتها فيكره له أن يؤذن لتلك الصلاة لجماعة يريدون صلاتها . والحاصل أن من أذن لصلاة وصلاها يكره له أن يؤذن لها ثانيا سواء أراد إعادتها لفضل الجماعة أم لا وكذامن أقام صلاة وصلاها يكره له أن يقيم لها ثانيا سواء أراد إعادتها لفضل الجماعة أم لا ( قوله : بخلاف من أذن ولم يصل إلخ ) هذه عكس مسألة المصنف لأن مسألة المصنف أذن لها وصلاها وهذه أذن ولم يصلها وبقي صورة أخرى وهي ما إذا صلاها بلا أذان وأراد إعادتها لفضل الجماعة فيكره أذانه لتلك المعادة وهذه يتناولها كلام المصنف أيضا فتحصل أن كل من برئت ذمته من صلاة يكره له أن يؤذن لها أو يقيم سواء أراد إعادتها أم لا وسواء أذن لها أو لا وأقام أو لا .




الخدمات العلمية