الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            سورة براءة

            مسألة : في قوله تعالى : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) هل يفسر القيام هنا بزيارة القبور ، وهل يستدل بذلك على أن الحكمة في زيارته صلى الله عليه وسلم قبر أمه أنه لإحيائها لتؤمن به بدليل أن تاريخ الزيارة كان بعد النهي .

            الجواب : المراد بالقيام على القبر الوقوف عليه حالة الدفن وبعده ساعة ، ويحتمل أن يعم الزيارة أيضا أخذا من الإطلاق ، وتاريخ الزيارة كان قبل النهي لا بعده ، فإن الذي صح في الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم زارها عام الحديبية ، والآية نازلة بعد غزوة تبوك ، ثم الضمير في منهم خاص بالمنافقين ، وإن كان بقية المشركين يلحقون بهم قياسا ، وقد صح في حديث الزيارة أنه استأذن ربه في ذلك فأذن له ، وهذا الإذن عندي يستدل به على أنها من [ ص: 366 ] الموحدين لا من المشركين كما هو اختياري ، ووجه الاستدلال به أنه نهاه عن القيام على قبور الكفار ، وأذن له في القيام على قبر أمه فدل على أنها ليست منهم ، وإلا لما كان يأذن له فيه ، واحتمال التخصيص خلاف الظاهر ، ويحتاج إلى دليل صريح ، فإن قلت : استئذانه يدل على خلافه ، وإلا لزارها من غير استئذان قلت : لعله كان عنده وقفة في صحة توحيد من كان في الجاهلية حتى أوحي إليه بصحة ذلك .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية