الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( صلاة الجمعة واجبة لما روى جابر رضي الله عنه قال { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اعلموا أن الله - تعالى - فرض عليكم الجمعة ، فمن تركها في حياتي أو بعد موتي وله إمام عادل أو جائر استخفافا أو جحودا فلا جمع الله له شمله ولا بارك له في أمره } )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) : هذا الحديث رواه ابن ماجه والبيهقي وضعفه ، وهو بعض من حديث طويل فيه قواعد من الأحكام ، لكنه ضعيف ، في إسناده ضعيفان ويغني عنه قول الله تعالى - : { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى [ ص: 349 ] ذكر الله } وحديث طارق بن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك ، وامرأة أو صبي ، أو مريض } رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم ، إلا أن أبا داود قال : طارق بن شهاب رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا .

                                      وهذا الذي قاله أبو داود لا يقدح في صحة الحديث ; لأنه إن ثبت عدم سماعه يكون مرسل صحابي ومرسل الصحابي حجة عند أصحابنا ، وجميع العلماء إلا أبا إسحاق الإسفراييني .

                                      وعن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { رواح الجمعة واجب على كل محتلم } رواه النسائي بإسناد صحيح على شرط مسلم .

                                      ( وأما حكم المسألة ) فالجمعة فرض عين على كل مكلف غير أصحاب الأعذار والنقص المذكورين .

                                      هذا هو المذهب وهو المنصوص للشافعي في كتبه ، وقطع به الأصحاب في جميع الطرق إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب في تعليقه ، وصاحب الشامل وغيرهما عن بعض الأصحاب أنه غلط ، فقال : هي فرض كفاية ، قالوا : وسبب غلطه أن الشافعي قال : من وجبت عليه الجمعة وجبت عليه صلاة العيدين قالوا : وغلط من فهمه ; لأن مراد الشافعي من خوطب بالجمعة وجوبا خوطب بالعيدين متأكدا ، واتفق القاضي أبو الطيب وسائر من حكى هذا الوجه على غلط قائله ، قال القاضي أبو إسحاق المروزي : لا يحل أن يحكى هذا عن الشافعي ، ولا يختلف أن مذهب الشافعي أن الجمعة فرض عين ونقل ابن المنذر في كتابيه " كتاب الإجماع وكتاب الإشراف " إجماع المسلمين على وجوب الجمعة ، ودليل وجوبها ما سبق ، وذكر الشيخ أبو حامد في تعليقه أن الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة ، وفيما قاله نظر




                                      الخدمات العلمية