الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 534 ) فصل : ولا نعلم في استحباب تعجيل الظهر ، في غير الحر والغيم ، خلافا . قال الترمذي وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وذلك لما ثبت من حديث أبي برزة وجابر ، وغيرهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقالت عائشة رضي الله عنها ما رأيت أحدا كان أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من أبي بكر ولا من عمر قال الترمذي : هذا حديث حسن وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الوقت الأول من الصلاة رضوان الله ، والوقت الأخير عفو الله تعالى } قال الترمذي هذا حديث غريب .

                                                                                                                                            وأما في شدة الحر فكلام الخرقي يقتضي استحباب الإبراد بها على كل حال ، وهو ظاهر كلام أحمد . قال الأثرم : وعلى هذا مذهب أبي عبد الله سواء ، يستحب تعجيلها في الشتاء والإبراد بها في الحر . وهو قول إسحاق وأصحاب الرأي ، وابن المنذر ; لظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم { إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم } رواه الجماعة عن أبي هريرة وهذا عام . وقال القاضي : إنما يستحب الإبراد بثلاثة شروط : شدة الحر ، وأن يكون في البلدان الحارة ومساجد الجماعات ، فأما من صلاها في بيته ، أو في مسجد بفناء بيته ، فالأفضل تعجيلها .

                                                                                                                                            وهذا مذهب الشافعي ; لأن التأخير إنما يستحب لينكسر الحر ، ويتسع في الحيطان ، ويكثر السعي إلى الجماعات ، ومن لا يصلي في جماعة لا حاجة به إلى التأخير . وقال القاضي في الجامع لا فرق بين البلدان الحارة وغيرها ولا بين كون المسجد ينتابه الناس أو لا ، فإن أحمد رحمه الله ، كان يؤخرها في مسجده ولم يكن بهذه الصفة . والأخذ بظاهر الخبر أولى . ومعنى الإبراد بها ، تأخيرها حتى ينكسر الحر ، ويتسع في الحيطان ، وفي [ ص: 235 ] حديث أبي ذر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبرد ، حتى رأينا فيء التلول } وهذا إنما يكن مع كثرة تأخيرها ، ولا يؤخرها إلى آخر وقتها ، بل يصليها في وقت إذا فرغ يكون بينه وبين آخر الوقت فضل ، وقد روى ابن مسعود ، قال : { كان قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيف ثلاثة أقدام ، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى تسعة أقدام . } رواه أبو داود والنسائي

                                                                                                                                            فأما الجمعة فيسن تعجيلها في كل وقت بعد الزوال من غير إبراد ; لأن سلمة بن الأكوع ، قال : { كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس . } متفق عليه ، ولم يبلغنا أنه أخرها ، بل كان يعجلها ، حتى قال سهل بن سعد : ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة . أخرجه البخاري ; ولأن السنة التبكير بالسعي إليها ، ويجتمع الناس لها ، فلو أخرها لتأذى الناس بتأخير الجمعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية