الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( باب بالتنوين ) في بيان سبب سجود السهو [ ص: 169 ] وأحكامه ( سجود السهو ) الآتي ( سنة ) متأكدة ولو في النافلة ما عدا صلاة الجنازة كذا قالوه وظاهره أن سجدة التلاوة والشكر كالنافلة فإن قلت كيف يجبر الشيء بأكثر منه قلت إن أريد به أنه جابر للمتروك أو المفعول بمعنى أنه نائب حتى يصير الأول كالمفعول والثاني كالعدم فهو قد يكون أكثر كهو لترك كلمة من القنوت أو زيادة سجدة أو جلسة أو أنه جابر لنفس الصلاة أي دافع لنقصها وهو لا يكون إلا أقل منها فممنوع إذ الجابر لا ينحصر في ذلك ألا ترى أن المجامع في يوم من رمضان إذا لم يقدر على العتق يصوم شهرين وهما أكثر من المجبور سواء أجعلناه اليوم أو الشهر لا يقال الصوم بدل عن العتق ؛ لأن هذا رأي ، والأصح أن كلا من خصلتي الكفارة الأخيرتين مستقل لا بدل عما قبله وذلك للأحاديث الآتية ولم يجب ؛ لأنه لم ينب عن واجب بخلاف جبران الحج وإنما يسن ( عند ترك مأمور به ) من الصلاة ولو احتمالا بأن شك هل فعله أو لا ( أو ) عند ( فعل ) شيء ( منهي عنه ) فيها ولو احتمالا فلا يرد عليه خلافا لمن زعمه ما لو شك أصلى ثلاثا أم أربعا فإن سجوده بفرض عدم الزيادة [ ص: 170 ] لتركه التحفظ المأمور به وبفرضها لفعله المنهي عنه فيها فهو لم يخرج عنهما

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( باب ) ( قوله سجود السهو ) هو أعني السهو جائز على الأنبياء بخلاف النسيان لأنه نقص ، وما في الأخبار من نسبة [ ص: 169 ] النسيان إليه عليه أفضل الصلاة والسلام ، فالمراد بالنسيان فيه السهو ، وفي شرح المواقف الفرق بين السهو ، والنسيان بأن الأول زوال الصورة عن المدركة مع بقائها في الحافظة ، والنسيان زوالها عنهما معا فيحتاج في حصولها إلى سبب جديد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولو احتمالا ) هذا التعميم مشكل بقول المصنف الآتي ، أو ارتكاب منهي فلا ، اللهم إلا أن يريد ولو احتمالا في الجملة فليتأمل فإنه أيضا مشكل فإن مجرد احتمال فعل المنهي عنه ليس هو المقتضي لسجود السهو فيما ذكره إنما المقتضي له انحصار الأمر في أحد الأمرين منه ومن ترك [ ص: 170 ] التحفظ فتأمله ( قوله : لتركه التحفظ المأمور به ) قد يقال التحفظ وإن كان مأمورا به لكنه ليس من الصلاة وقد قيد المأمور به بكونه من الصلاة ففي قوله فهو لم يخرج عنهما نظر لا يقال يمنع أنه ليس منها فإنه عبارة عن الاحتراز عن الخلل ، وذلك شرط ، أو أدب خارج عنها كما أن الاحتراز عن نحو الكلام والالتفات شرط ، أو أدب وليس جزءا منها فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( باب سجود السهو ) ( قوله بالتنوين ) إلى قوله ما عدا صلاة الجنازة في المغني وإلى قول المتن أو بعضا في النهاية ( قوله في بيان سبب سجود السهو ) أي السجود الذي سببه سهو فهو من إضافة المسبب للسبب والسهو لغة نسيان الشيء والغفلة [ ص: 169 ] عنه والمراد به هنا مطلق الخلل الواقع في الصلاة سواء كان عمدا أو نسيانا فصار حقيقة عرفية في ذلك وأسبابه خمسة تفصيلا الأول تيقن ترك بعض من الأبعاض ، الثاني الشك في ترك بعض معين ، الثالث تيقن فعل منهي عنه سهوا مما يبطل عمده فقط ، الرابع الشك في فعل منهي عنه مع احتمال الزيادة الخامس نقل مطلوب قولي إلى غير محله بنيته شيخنا وبجيرمي ( قوله وأحكامه ) والمراد به ما يتعلق به إثباتا ونفيا ع ش قول المتن ( سجود السهو إلخ ) قدمه لكونه لا يفعل إلا في الصلاة أي وما يلحق بها ثم سجود التلاوة لكونه يفعل فيها وفي خارجها ثم سجود الشكر ؛ لأنه لا يفعل إلا خارجها نهاية ومغني السهو جائز على الأنبياء بخلاف النسيان ؛ لأنه نقص وما في الأخبار من نسبة النسيان إليه صلى الله عليه وسلم فالمراد بالنسيان فيه السهو وفي شرح المواقف الفرق بين السهو والنسيان بأن الأول زوال الصورة عن المدركة مع بقائها في الحافظة والنسيان زوالها عنهما معا فيحتاج في حصولهما إلى كسب جديد سم على حج ا هـ ع ش ( قوله سنة مؤكدة ) أي إلا لإمام جمع كثير يخشى منه التشويش عليهم بعدم سجودهم معه ويفرق بينه وبين ما يأتي في سجدة التلاوة بأنه آكد منه حلبي ا هـ بجيرمي وكردي ( قوله ما عدا صلاة الجنازة ) فإنه لا يسن فيها بل إن فعله فيها عامدا عالما بطلت صلاته ع ش ( قوله وظاهره أن سجود التلاوة إلخ ) قد يقال في هذا الأخذ نظر ؛ لأن المراد الصلاة وهما ليسا منها واستثناء صلاة الجنازة لا يشكل ؛ لأنها تسمى صلاة عند البعض والحاصل أنه إن ثبت نقل صريح عن الأصحاب بندب سجود السهو فيهما فلا محيد عنه وإلا فمحل تأمل لعدم ما يدل عليه من كلامهم ومن الأحاديث ؛ لأن موردها الصلاة ثم رأيت في سم على المنهج قوله في الصلاة خرج به نحو سجدة التلاوة خارج الصلاة بصري عبارة ع ش وفي دعوى الظهور مسامحة ؛ لأن سجود التلاوة ليس من الصلاة لكنه ملحق بها ا هـ أقول والنظر قوي جدا ، وإن وافق النهاية للشارح هنا واعتمده الزيادي والحلبي والرشيدي وشيخنا ( قوله بمعنى أنه نائب ) ليتأمل بالنسبة للمفعول بصري ( قوله كهو ) أي كسجود السهو ( قوله في ذلك ) أي في الأقل ( قوله وذلك ) إلى قوله وفيه نظر في المغني إلا ما أنبه عليه ( قوله وذلك ) أي سن سجود السهو ( قوله لأنه لم ينب عن واجب ) أي والبدل إما كالمبدل أو أخف منه مغني ونهاية ( قوله وإنما يسن ) سقط بذلك ما قيل إنه لا يسن السجود لكل ترك مأمور به ولا لكل فعل منهي عنه قول المتن ( عند ترك مأمور به ) أي سواء تركه عمدا ليسجد أم لا كما شمله كلامهم شيخنا الزيادي ا هـ ع ش وحلبي قال سم ونقل أن شيخنا الشهاب الرملي أفتى بذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بأن شك هل فعله إلخ ) أي المأمور به المعين كالقنوت بخلاف الشك في ترك مندوب في الجملة كأن يقول هل أتيت بجميع المندوبات أو تركت شيئا منها وبخلاف الشك في ترك بعض مبهم كأن ترك مندوبا وشك هل هو بعض أو لا وكأن شك هل ترك بعضا أو لا فلا يسجد في هذه الصور شيخنا ( قوله ولو احتمالا ) هذا التعميم يشكل بقول المصنف الآتي أو ارتكاب منهي فلا اللهم إلا أن يريد ولو احتمالا في الجملة فليتأمل فإنه مشكل فإن مجرد احتمال فعل المنهي ليس هو المقتضي لسجود السهو فيما ذكره وإنما المقتضي له انحصار الأمر في أحد الأمرين منه ومن ترك التحفظ سم وعبارة المغني سالمة عن هذا الإشكال والإشكال الآتي حيث قال ما نصه ولو بالشك كما سيأتي بيانه فيما لو شك هل صلى ثلاثا أم أربعا وغير ذلك فسقط بذلك ما قيل إنه أهمل سببا ثالثا وهو إيقاع بعض الفرض مع التردد في وجوبه كما إذا شك هل صلى ثلاثا أم أربعا فإنه يقوم إلى الرابعة ويسجد كما سيأتي قاله الإسنوي وغيره ورده في الخادم أيضا بأن سبب [ ص: 170 ] السجود التردد في أن الركعة المفعولة زائدة وهو راجع لارتكاب المنهي عنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتركه التحفظ المأمور به ) قد يقال التحفظ الذي هو عبارة عن الاحتراز عن الخلل ، وإن كان مأمورا به لكنه ليس من الصلاة بل هو شرط أو أدب خارج عنها كالاحتراز عن نحو الكلام ، وقد قيد المأمور به بكونه من الصلاة ففي قوله فهو لم يخرج عنهما نظر سم ورشيدي




                                                                                                                              الخدمات العلمية