الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولوجوب زكاة الماشية ) التي هي النعم كما عرف مما قدمه ومر على ما فيه أنه الوضع اللغوي أيضا فلا اعتراض عليه ، والإضافة هنا بمعنى في نحو بل مكر الليل أي : الزكاة فيها كما بأصله ، ويصح كونها بمعنى اللام ( شرطان ) غير ما مر ويأتي من النصاب وكمال الملك وإسلام المالك وحريته أحدهما ( مضي الحول ) كله ، وهي ( في ملكه ) لخبر { لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول } ، وهو ضعيف بل صحيح عند أبي داود على أنه اعتضد بآثار صحيحة عن كثيرين من الصحابة بل أجمع التابعون والفقهاء عليه ، وإن خالف فيه بعض الصحابة رضي الله عنهم سمي حولا ؛ لأنه حال أي : ذهب وأتى غيره .

                                                                                                                              ( لكن ما نتج ) بالبناء للمفعول لا غير ( من نصاب ) قبل تمام حوله ، ولو بلحظة ( يزكى بحوله ) أي : النصاب لما مر عن أبي بكر ووافقه عمر وعلي رضي الله عنهم ، ولم يعرف لهم مخالف ولأن المعنى في اشتراط الحول حصول النماء ، والنتاج نماء عظيم فتبع الأصل في حوله وإن مات ، فإذا كان عنده مائة فولدت إحدى وعشرين قبل الحول وجب شاتان أو عشرين لم يفد كما في الروضة والمجموع [ ص: 233 ] ؛ لأنها لم تبلغ بالنتاج ما يجب فيه شيء زائد على ما قبله واعترض بأنه قد يفيد فيما إذا ملك أربعين فولدت عشرين ثم مات من الأمهات عشرون .

                                                                                                                              ويرد بأن كلامهما في خصوص ذلك المثال فلا يرد عليهما هذا قيل : يرد الأول على المتن ؛ لأن العشرين يصدق عليها أنها نتجت من نصاب ومع ذلك لا تزكى بحوله ، ويرد بأنه علم من كلامه أن الأمهات لو لم تبلغ النصاب الثاني لا يجب فيها شيء زائد على الأربعين فالنتاج أولى فإيراد مثل ذلك عليه تساهل ، أو أربعون شاة فولدت أربعين وماتت قبل الحول فتجب شاة واستشكل الإسنوي هذا بأنه يقتضي أن السوم لا يجب في جميع النصاب وأجيب بفرض ذلك فيما إذا كان النتاج قبل آخر الحول بنحو يومين مما لا يؤثر العلف فيها ، وفيه نظر لمنافاته لكلامهم وبأن السخلة المغذاة باللبن لا تعد معلوفة عرفا ، ولا شرعا أي : لأن اللبن كالكلأ ؛ لأنه ناشئ عنه ، وبأن اللبن الذي تشربه السخلة لا يعد مؤنة عرفا ؛ لأنه يستخلف إذا حلب كالماء وأجيب بغير ذلك أيضا مما فيه نظر ، وأحسن من ذلك كله أن يحاب بأن النتاج لما أعطي حكم أمهاته في الحول فأولى في السوم فمحل اشتراطهما في غير هذا التابع الذي لا تتصور إسامته ثم رأيت شيخنا أشار لذلك ، ويأتي عن المتولي ما يخالف ذلك مع رده ، وخرج بنتج ما ملك بنحو شراء كما يأتي وبقوله : من نصاب ما نتج من دونه كعشرين نتجت عشرين فحولها من حين تمام النصاب وبقوله بحوله ما حدث بعد الحول أو مع آخره فلا يضم للحول الأول بل للثاني ، ويشترط اتحاد سبب ملك الأمهات والنتاج فلو أوصى به لشخص لم يضم لحول الوارث ، وكذا لو أوصى الموصى له بالحمل به قبل انفصاله لمالك الأمهات ثم مات ثم نتجت لم يزك بحول الأصل وانفصال كل النتاج قبل تمام الحول ، وإلا فلا زكاة ، واتحاد الجنس فلو حملت بإبل إن تصور فلا ضم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 233 ] ( قوله : وإن مات ) أي : الأصل ( قوله : فتجب شاة ) هل المراد شاة كبيرة ( قوله : أو مع آخره ) قال في شرح الروض : إن ذلك قضية كلامه كأصله وأنه ظاهر ( قوله : في الحول إلخ ) وظاهر أنه إن وقع الموت قبل آخر الحول أو مع آخره فلا زكاة [ ص: 234 ] لذلك الحول أو عقبه وجب إخراجها من التركة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : التي ) إلى قوله ضعيف في النهاية إلا قوله ومر إلى فلا اعتراض ( قوله : مما قدمه ) أي : قدمه المصنف في أول الفصل و ( قوله : ومر ) أي : في أول الباب كردي ( قوله : أنه الوضع إلخ ) فاعل مر والضمير لمساواة الماشية للنعم ( قوله : ويصح كونها إلخ ) أي والإضافة للملابسة ( قوله : غير ما مر ) إلى قوله ضعيف في المغني ( قوله : ويأتي ) الأولى ، وما يأتي و ( قوله : من النصاب ) بيان لما مر و ( قوله : وكمال النصاب إلخ ) بيان لما يأتي ( قوله : أحدهما ) أي : الشرطين ( قوله سمي ) إلى قوله ورد في النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله : لما مر إلخ ) عبارة النهاية والمغني لقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لساعيه اعتد عليهم بالسخلة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لما مر عن أبي بكر ) أي : في شرح ، وفي الصغار صغيرة في الجديد ( قوله : وإن مات ) أي الأصل سم ( قوله : فإذا كان إلخ ) عبارة النهاية والمغني فلو كان عنده مائة وعشرون من الغنم فولدت واحدة منها سخلة قبل الحول ، ولو بلحظة ، والأمهات باقية لزمه شاتان ، ولو ماتت الأمهات ، وبقي منها دون النصاب أو ماتت كلها ، وبقي النتاج نصابا في الصورة الثانية أو ما يكمل به النصاب في الأولى زكي بحول الأصل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وجب شاتان ) أي : كبيرتان ع ش أي بالقسط فإن لم توجدا به فالقيمة كما مر ( قوله : أو عشرين لم يفد كما في الروضة إلخ ) عبارة النهاية وذكر في الروضة والمجموع أن فائدة الضم إنما تظهر إذا بلغت بالنتاج نصابا آخر بأن ملك مائة شاة فنتجت إحدى وعشرين فيجب شاتان فلو نتجت عشرة فقط لم يفد انتهى قال بعضهم ، وهو ممنوع بل قد تظهر له فائدة ، وإن لم تبلغ به نصابا آخر وذلك عند التلف بأن ملك أربعين ستة أشهر فولدت عشرين ثم ماتت من الأمهات عشرون قبل انقضاء الحول وكذا لو مات في الصورة التي مثل بها ثمانون قبل انقضاء الحول فإنا نوجب شاة لحول الأمهات بسبب ضم السخال فظهرت فائدة إطلاق الضم ، وإن لم تبلغ به النصاب ا هـ .

                                                                                                                              وكذا في المغني إلا قوله [ ص: 233 ] وكذا لو مات إلخ قال ع ش قوله : عشرة صوابه عشرون كما عبر به حج ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : واعترض إلخ ) أقره النهاية والمغني كما مر آنفا ( قوله : ورد إلخ ) تقدم عن النهاية آنفا ما يرد هذا الرد ( قوله : في خصوص ذلك المثال ) أي : ولادة المائة عشرين فقط وقوله هذا أي ولادة أربعين عشرين و ( قوله : يرد الأول ) أي : ولادة المائة عشرين فقط ( على المتن ) أي على طرده ( قوله : بأنه ) أي : الشأن و ( قوله : من كلامه ) أي : المفيد أن ما بين النصابين وقص ( قوله : أو أربعون ) إلى المتن في النهاية والمغني إلا قوله بفرض إلى بأن السخلة وقوله مما فيه نظر وقوله ثم رأيت إلى ، وخرج وقوله وبقوله إلى ويشترط ( قوله : أو أربعون إلخ ) معطوف على قوله مائة إلخ ( قوله : وماتت ) أي : الأربعون الأمهات كلها ( قوله : فيجب شاة ) أي : صغيرة ع ش ( قوله : واستشكل الإسنوي هذا ) أي : قولهم لكن ما نتج من نصاب إلخ ، وكذا الإشارة في قوله بفرض ذلك .

                                                                                                                              ( قوله : لمنافاته لكلامهم ) أي : الشامل لما إذا كان النتاج في نصف الحول ( قوله : أي لأن اللبن كالكلأ إلخ ) على أنه لا يشترط في الكلأ أن يكون مباحا على على ما يأتي بيانه نهاية ومغني ( قوله : لأنه يستخلف إلخ ) أي : يأتي من عند الله تعالى ويستخلف إذا حلب فهو شبيه بالماء فلم يسقط الزكاة نهاية ( قوله بغير ذلك ) راجع النهاية والمغني إن رمته ( قوله : فمحل اشتراطهما ) أي : الحول والسوم ( قوله : ويأتي إلخ ) أي : قول قبيل المصنف فإن علفت إلخ ( قوله : كما يأتي ) أي : في المتن آنفا ( قوله : وبقوله بحوله ما حدث إلخ ) لا يخفى ما فيه ولذا جعله النهاية والمغني محترز ما قدراه كالشارح من قيد قبل تمام حوله ولو بلحظة فقالا فإن انفصل النتاج بعد الحول أو قبله ، ولم يتم انفصاله إلا بعده كجنين خرج بعضه في الحول ، ولم يتم انفصاله إلا بعد تمام الحول لم يكن حول النصاب حوله لانقضاء حول أصله ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش أفهم كلامه م ر أنه لو تم انفصاله مع تمام الحول كان حول أصله حوله لكن كلام ابن حج يفيد خلافه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو مع آخره ) قال في شرح الروض إن ذلك قضية كلامه كأصله وإنه ظاهر سم ومر آنفا عن النهاية والمغني ما يفهم خلاف تلك القضية ( قوله : ويشترط اتحاد سبب الملك إلخ ) قال النهاية والمغني عقب المتن بشرط كونه مملوكا لمالك النصاب بالسبب الذي ملك به النصاب ثم قالا : وخرج بقولنا : أن يكون مملوكا إلخ ما لو أوصى الموصى له بالحمل به قبل انفصاله لمالك الأمهات ثم مات ثم حصل النتاج لم يزك بحول الأصل كما نقله في الكفاية عن المتولي وأقره ا هـ .

                                                                                                                              قال الرشيدي قوله : بالسبب الذي ملك به النصاب يعني أنه انجر إليه ملكه من ملك الأصل لا أنه ملكه بسبب مستقل كالسبب الذي ملك به النصاب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فلو أوصى به ) أي : بالنتاج ( لشخص لم يضم لحول الوارث ) يؤخذ من هذا التفريع اعتبار شرط آخر لم يصرح به الشارح رحمه الله تعالى ، وهو اتحاد المالك ، وكان وجه تعرضه له توهم أن ما ذكره مغني عنه ، وليس كذلك فقد يتحد السبب ، ويختلف المالك كما إذا أوصى بها لشخص وبنتاجها لآخر ثم رأيت عبارة المغني والنهاية بشرط أن يكون مملوكا لمالك النصاب بالسبب الذي ملك به النصاب انتهت ا هـ بصري .

                                                                                                                              ( قوله : وكذا لو أوصى الموصى له بالحمل به إلخ ) كأن أوصى زيد المالك لأربعين من الغنم بحملها لعمرو ثم مات زيد وقبل عمرو الوصية بالحمل ثم أوصى به قبل انفصاله لوارث زيد المالك للأمهات بالإرث ثم مات عمرو وقبل وارث زيد الوصية فلا يزكى النتاج بحول الأصل ؛ لأنه ملك النتاج بسبب غير الذي ملك به الأمهات ع ش ( قوله : وانفصال كل النتاج إلخ ) مكرر مع ما قدره عقب من نصاب




                                                                                                                              الخدمات العلمية