الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وجميع المؤمنين ) فيه تكرير الدعاء للبعض الذي هو منهم والإسلام والإيمان طال فيما بينهما من النسب الكلام [ ص: 61 ] والحق أنهما متحدان ماصدقا إذ لا يوجد شرعا مؤمن غير مسلم ولا عكسه ومن آمن بقلبه وترك التلفظ بلسانه مع قدرته عليه نقل المصنف الإجماع على تخليده في النار لكن اعترض بأن كثيرين بل المحققين على خلافه مختلفان مفهوما إذ مفهوم الإسلام الاستسلام والانقياد ومفهوم الإيمان التصديق الجازم بكل ما علم مجيئه صلى الله عليه وسلم به بالضرورة إجمالا في الإجمالي وتفصيلا في التفصيلي هذا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله إذ لا يوجد إلخ ) هذا لا يثبت المدعى إذ لا يلزم منه الاتحاد ماصدفا فالجواز أن يكون بعض المعتبرات جزءا من أحدهما وشرطا للآخر فيتخلف الماصدق إذ ماصدق ما ذلك البعض جزء منه غير ماصدق ما هو شرط فيه لدخوله في أحدهما وخروجه عن الآخر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله للبعض إلخ ) المراد به جملة مدلول ياء عني ومدلول أحبائي ( قوله والإسلام إلخ ) عبارة النهاية وإذ تعرض المصنف لذكر المؤمنين والمسلمين ومعرفة المشتق متوقفة على معرفة المشتق منه وهو هنا الإيمان [ ص: 61 ] والإسلام فلنذكرهما فالإيمان تصديق القلب بما علم ضرورة مجيء الرسول من عند الله كالتوحيد والنبوة والبعث والجزاء وافتراض الصلوات الخمس والزكاة والصيام والحج والمراد بتصديق القلب به إذعانه وقبوله له وذهب جمهور المحدثين والمعتزلة والخوارج إلى أن الإيمان مجموع ثلاثة أمور اعتقاد الحق والإقرار به والعمل بمقتضاه فمن أخل بالاعتقاد وحده فهو منافق ومن أخل بالإقرار فهو كافر ومن أخل بالعمل فهو فاسق وفاقا وكافر عند الخوارج وخارج عن الإيمان غير داخل في الكفر عند المعتزلة ويدل على أنه التصديق وحده إضافة الإيمان إلى القلب في القرآن والحديث .

                                                                                                                              ولما كان تصديق القلب أمرا باطنيا لا اطلاع لنا عليه جعله الشارع منوطا بالنطق بالشهادتين من القادر عليه وهل النطق بالشهادتين شرط لإجراء أحكام المؤمنين في الدنيا من الصلاة عليه والتوارث والمناكحة وغيرها غير داخل في مسمى الإيمان ، أو جزء من داخل في مسماه قولان ذهب جمهور المحققين إلى أولهما وعليه من صدق بقلبه ولم يقر بلسانه مع تمكنه من الإقرار فهو مؤمن عند الله ، وهذا أوفق باللغة والعرف وذهب كثير من الفقهاء إلى ثانيهما أما العاجز عن النطق بهما لخرس أو سكتة أو اخترام منية قبل التمكن منه فإنه يصح إيمانه .

                                                                                                                              وأما الإسلام فهو أعمال الجوارح من الطاعات كالتلفظ بالشهادتين والصلاة والزكاة وغير ذلك ولكن لا تعتبر الأعمال المذكورة في الخروج عن عهدة التكليف بالإسلام إلا مع الإيمان ، وهو التصديق المذكور فهو شرط للاعتداد بالعبادات فلا ينفك الإسلام عن الإيمان وإن كان الإيمان قد ينفك عنه كمن اخترمته المنية قبل اتساع وقت التلفظ هذا بالنظر لما عند الله أما بالنظر لما عندنا فالإسلام هو النطق بالشهادتين فقط فمن أقر بهما أجرينا عليه أحكام الإسلام في الدنيا ، ولم نحكم عليه بكفر إلا بظهور أمارات التكذيب كالسجود اختيارا للشمس أو الاستخفاف بنبي أو بالمصحف أو بالكعبة أو نحو ذلك والله أعلم ا هـ قال الرشيدي قوله : م ر فهو مؤمن عند الله تعالى هو مقيد بما إذا كان لو عرض عليه بالنطق بالشهادتين لم يمتنع فلا يرد عليه أبو طالب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله متحدان ماصدقا ) خلافا للنهاية كما مر ووفاقا للمغني حيث قال بعد ذكر الخلاف ما نصه وبالجملة فلا يصح إيمان بغير إسلام ولا إسلام بغير إيمان فكل منهما شرط في الآخر على الأول وشطر منه على الثاني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إذ لا يوجد إلخ ) هذا لا يثبت المدعي إذ لا يلزم منه الاتحاد ماصدقا لجواز أن يكون بعض المعتبرات جزئ من أحدهما وشرطا للآخر فيختلف الماصدق إذ ماصدق ما ذلك البعض جزء منه غير ماصدق ما هو شرط فيه لدخوله في أحدهما وخروجه عن الآخر سم وفيه نظر ظاهر إذ من المعلوم أن مدار الاتحاد صدقا اتحاد المعتبرات ولا مدخل للشرطية والشطرية فقوله فيختلف إلخ في حيز المنع وقوله إذ ماصدق إلخ لا يثبته كما هو ظاهر .




                                                                                                                              الخدمات العلمية