الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو أراد أن يقول أنت طالق ثلاثا فماتت ) أو ارتدت أو أسلمت قبل الوطء أو أمسك شخص فاه ( قبل تمام طالق ) أو معه ( لم يقع ) لخروجها عن محل الطلاق قبل تمامه [ ص: 52 ] وظاهر أن إمساكه اختيارا قبل النطق بقاف طالق كذلك ( أو ) مات مثلا ( بعده قبل ) قوله ( ثلاثا ) أو معه كما فهم بالأولى ( فثلاث ) يقعن عليه لقصده لهن حين تلفظه بأنت طالق وقصدهن حينئذ موقع لهن ، وإن لم يتلفظ بهن كما مر وبه يعلم أن الصورة أنه نوى الثلاث عند تلفظه بأنت طالق ، وإنما قصد تحقيق ذلك بالتلفظ بالثلاث فإن لم ينوهن عند أنت طالق ، وإنما قصد أنه إذا تم نواهن عند التلفظ بلفظهن وقعت واحدة فقط ولو قصدهن بمجموع أنت طالق ثلاثا قال الأذرعي كالحسباني فهذا محل الأوجه والأقوى وقوع واحدة ؛ لأن الثلاث والحالة هذه إنما تقع بمجموع اللفظ ولم يتم ( وقيل ) يقع ( واحدة ) لوقوع ثلاثا بعد موتها ( وقيل لا شيء ) إذ الكلام الواحد لا يتبعض وخرج بقوله أراد إلى آخره ما لو قاله عازما على الاقتصار عليه ثم قال ثلاثا بعد موتها فواحدة .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              قيل ثلاثا تمييز ورده الإمام بأنه جهل بالعربية ، وإنما هو صفة لمصدر محذوف أي طلاقا ثلاثا كضربت زيدا شديدا أي ضربا شديدا وفي الرد بذلك مبالغة بل هو صحيح عربية إذ فيه تفسير للإبهام في الجملة قبله ثم رأيتهم صرحوا به كما يأتي في شرح فلو قالهن لغيرها نعم الحق أن الثاني أظهر والفرق بين هذا ، وأمثاله واضح مما تقرر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ثم رأيتهم صرحوا به ) دعوى التصريح ممنوعة بل وهم كما سنبينه فيما يأتي فانظره .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أو ارتدت ) إلى قوله وظاهر في النهاية وكذا في المغني إلا قوله أو معه ( قوله : أو معه ) فيه شيء بالنسبة لصورة الإمساك ؛ لأنه إن أمسك مع تمام النطق بالقاف فلا وجه لعدم الوقوع أو قبله فليس الإمساك مع تمام لفظ طالق فليتأمل . ا هـ . سيد عمر ( قوله : لخروجها عن محل الطلاق إلخ ) هذا تعليل لما في المتن فقط دون [ ص: 52 ] ما زاده بقوله أو معه ( قوله : وظاهر إلخ ) ولو قال أنت طالق إن أو إن لم وقال قصدت الشرط لم يقبل ظاهرا إلا إن منع الإتمام كأن وضع غيره يده في فمه وحلف فيقبل ظاهرا للقرينة . ا هـ . مغني ونهاية وفي ع ش قوله : لم يقبل ظاهرا إلخ قياسه أن ما وقع كثيرا عند المشاجرة من قول الحالف علي الطلاق ولم يزد على ذلك ثم يقول أردت أن أقول لا أفعل كذا لا يقبل منه ظاهرا إلا أن يمنع من الإتمام كوضع غيره يده على فمه أما في الباطن فلا وقوع ثم ينبغي أن مثل وضع اليد على الفم ما لو دلت قرينة قوية على إرادته الحلف ، وأن إعراضه عنه لغرض يتعلق بذلك . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كذلك ) أي فلا يقع الطلاق ( قوله : أو ماتت مثلا ) إلى قوله ولو قصدهن في المغني إلا قوله أو معه إلى المتن ، وإلى قوله كما يأتي في شرح في النهاية ( قوله : قبل قوله إلخ ) أي قبل تمامه ( قوله : أو معه ) أي مع تمام قوله : ثلاثا ( قوله : لهن ) أي للثلاث ( قوله : حينئذ ) أي حين تلفظه بأنت طالق ( قوله : كما مر ) أي في قول المتن قلت ولو قال أنت واحدة ونوى إلخ ( قوله : ولو قصدهن بمجموع إلخ ) قد يقال إن وجد هذا القصد قبل التلفظ ولم يستمر إلى حال التلفظ بأنت طالق فمتجه ، وإن قارن جزءا من أجزاء أنت طالق فمحل نظر فليتأمل فإن قوة كلامهم تفيد أن المدار في التثليث بأنت طالق على نيته لا على خصوص نيته بهذا اللفظ . ا هـ . سيد عمر ( قوله : محل الأوجه ) أي الثلاثة التي في المتن ( قوله : ولم يتم ) هذا إنما يظهر بالنسبة لما في المتن دون ما زاده بقوله أو معه ( قوله : وخرج ) إلى قوله وفي الرد في المغني ( قوله : قاله عازما ) ينبغي أن يكون مثله ما لو أطلقا هـ سيد عمر ( قوله : ثم رأيتهم صرحوا به ) دعوى التصريح ممنوعة بل وهم كما سنبينه فيما يأتي فانظره سم على حج . ا هـ . رشيدي ( قوله : وأمثاله ) أي كضربت زيدا شديدا وقوله : واضح ، وهو أن الطلاق هنا متردد بين الواحدة وما زاد عليها فالمراد منه مبهم فقصد تفسيره بخلاف ما مثل به فإن الضرب فيه يقع للماهية ولا تكثر فيها ، وإنما التكثر فيما توجد فيه ، وهو إنما يتميز بالصفة . ا هـ . ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية