الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ويمتنع في الحضر أيضا أو في سفر قصير ولو مكيا وفي سفر معصية ( وكذا القصير في قول ) قديم كالتنفل على الراحلة ، وفي تعبيره بيجوز إشارة إلى أن تركه أفضل خروجا من خلاف من منعه ، ولا يعارضه قولهم إن الخلاف لا يراعى [ ص: 274 ] إذا خالف سنة صحيحة ; لأنه قد يقال : إن تأويلهم لها في جمع التأخير له نوع تماسك وطعنهم في صحتها في جمع التقديم محتمل مع اعتضادهم الأصل فروعي ، ويستثنى الجمع بعرفة في الحج كما قاله الإمام وبمزدلفة كما بحثه الإسنوي ، فإن الجمع فيهما أفضل مطلقا فإنه مستحب للاتباع وسببه السفر لا النسك في الأظهر ، ويستثنى أيضا الشاك فيه والراغب عن الرخصة اقتضاه كلام البغوي في تعليقه وغيره ، ومن إذا جمع صلى جماعة أو خلا عن حدثه الدائم أو كشف عورته فالجمع أفضل كما قاله الأذرعي ، وكذا من خاف فوت عرفة أو عدم إدراك العدو لاستنقاذ أسير ونحو ذلك بل قد يجب في هذين ( فإن كان سائرا في وقت الأولى ) وأراد الجمع وعدم مراعاة خلاف أبي حنيفة والحال أنه نازل في وقت الثانية ( فتأخيرها أفضل وإلا ) بأن لم يكن سائرا وقت الأولى بأن كان نازلا فيه سائرا وقت الثانية ( فعكسه ) للاتباع ولكونه أرفق للمسافر ، فإن كان سائرا أو نازلا فيهما فجمع التأخير أفضل فيما يظهر كما هو ظاهر كلام كثير ولظاهر الأخبار السابقة ولانتفاء سهولة جمع التقديم مع الخروج من خلاف من منعه ولأن وقت الثانية وقت للأولى حقيقة بخلاف العكس .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أو في سفر قصير ولو مكيا ) أشار به إلى رد قول الحنفية إن المكي يجمع بعرفة ومزدلفة ; لأن الجمع عندهم للنسك لا للسفر فجاز ولو قصيرا ، وعليه فالجمع عندهم لا يجوز للسفر مطلقا طال أو قصر ، فالإشارة للرد إنما هي بحسب الظاهر دون نفس الأمر ، فإنهم وإن جوزوا الجمع بعرفة لا يقولون إنه للسفر بل للنسك .

                                                                                                                            ( قوله : إلى أن تركه ) أي الجمع أفضل : أي فيكون الجمع خلاف الأولى ، لكن في حج بعد قوله الآتي وإن كان سائرا وقت الأولى وأراد الجمع وعدم إلخ ما نصه : وبقولي وأراد الجمع إلخ ، اندفع ما يقال من أن ترك الجمع أفضل : أي [ ص: 274 ] فهو مباح فكيف يكون أفضل فيما ذكر انتهى . أقول : وقد يمنع كونه مباحا بأن خلاف الأفضل كخلاف الأولى يكون مكروها كراهة خفيفة يعبر عنها بخلاف الأولى .

                                                                                                                            ( قوله : إذا خالف سنة صحيحة ) أي وهو ثبوت الجمع عنه صلى الله عليه وسلم ، ومنه يعلم أنه ليس المراد بالسنة كون الحكم مستحبا عندنا ، ورعاية الخلاف تفوت ذلك المستحب ، بل المراد أنه متى ثبت الحكم عنه صلى الله عليه وسلم وكان بعض المذاهب يخالف ذلك الثابت لا تستحب مراعاته .

                                                                                                                            ( قوله : نوع تماسك ) أي قوة .

                                                                                                                            ( قوله : وطعنهم في صحتها ) أي السنة .

                                                                                                                            ( قوله : أو خلا عن حدثه الدائم ) قياس ما تقدم في القصر عن حج أنه إذا كان لو جمع خلا عن حدثه الدائم في وضوئه وصلاته وجب الجمع ، اللهم إلا أن يفرق بين ما هنا وما تقدم بأنه إنما وجب القصر ثم للاتفاق على جوازه سيما إذا زاد سفره على ثلاث مراحل حيث أوجبه الحنفية فنظر إلى قوة الخلاف ثم ومنعوا الجمع هنا إلا في عرفة ومزدلفة للنسك . وهذا الجواب أولى مما أجاب به سم فيما تقدم من قوله : قوله فيجب القصر كما هو ظاهر . فإن قلت : هلا وجب الجمع في نظيره مع أنه أفضل فقط كما سيأتي أول الفصل ؟ قلت : يفرق بلزوم إخراج إحدى الصلاتين عن وقتها فلم يجب فليتأمل انتهى . ووجه أولوية ما ذكرناه أنه قد يمنع أن في التأخير إخراج الصلاة عن وقتها ; لأن العذر صير وقت الصلاتين واحدا على أن ما ذكره من قوله بلزوم إخراج إلخ لا يشمل جمع التقديم ، إلا أن يقال أراد بالإخراج فعلها في غير وقتها .

                                                                                                                            ( قوله : فالجمع أفضل ) [ فرع ] إذا توقف إدراك الوقوف على الجمع بين الصلاتين وجب ، ولا يخالف هذا ما صححه النووي من أنه إذا توقف إدراك الوقوف على ترك الصلاة : أي ولو تعددت تركها ; لأن ذاك إذا لم يدركه إلا بتركها مطلقا وهنا يدركه مع فعلها بالجمع دون غيره م ر انتهى سم على منهج .

                                                                                                                            ( قوله : بل قد يجب في هذين ) هما خوف فوت عرفة وعدم إدراك العدو إلخ ، وأفاد كلامه كحج أن الأصل فيهما أفضلية الجمع وأنه قد يجب في بعض الصور ، ولعل المراد بصورة الوجوب ما لو تحقق فوت عرفة أو إنقاذ الأسير بترك الجمع فينقذ الأسير ويدرك عرفة ثم يجمع الصلاتين تأخيرا ، ثم رأيته في سم على حج .

                                                                                                                            ( قوله : أفضل ) فيما يظهر خلافا لحج ( قوله ولأن وقت الثانية وقت للأولى حقيقة ) يعني أنه يصح فعل الأولى في وقت الثانية ولو بلا عذر فنزل منزلة الوقت الحقيقي ، وإلا فوقت [ ص: 275 ] الأولى الحقيقي يخرج ، بخروج وقتها



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ويمتنع في الحضر ) أي إلا بالمطر كما يأتي والأولى حذف قوله أيضا ( قوله : ولو مكيا ) أشار إلى ما فيه من الخلاف في كونه يجمع بين السفر القصير لعرفة : أي بسبب السفر كما يعلم من الروضة ، وبه يندفع ما في حاشية الشيخ [ ص: 274 ] قوله : وقت للأولى حقيقة ) فيه مسامحة . والمراد أنه يصح فعلها فيه مطلقا ولو بغير جمع




                                                                                                                            الخدمات العلمية