الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) يسن أن ( يؤذن ويقيم لفائتة ) رافعا صوته لو بجماعة أو صحراء لا ببيته منفردا ( وكذا ) يسنان ( لأولى الفوائت ) لا لفاسدة [ ص: 391 ] ( ويخير فيه للباقي ) لو في مجلس وفعله أولى ، ويقيم للكل ( ولا يسن ) ذلك ( فيما تصليه النساء أداء وقضاء ) ولو جماعة كجماعة صبيان وعبيد ، ولا يسنان أيضا لظهر يوم الجمعة في مصر ( ولا فيما يقضي من الفوائت في مسجد ) فيما لأن فيه تشويشا وتغليطا ( ويكره قضاؤها فيه ) لأن التأخير معصية فلا يظهرها بزازية . .

التالي السابق


( قوله : لو بجماعة إلخ ) أي في غير المسجد بقرينة ما يذكره قريبا من أنه لا يؤذن فيه للفائتة ، ثم هذا قيد لقوله رافعا صوته ، وقد ذكره في البحر بحثا وقال ولم أره في كلام أئمتنا . واستدل لرفع المنفرد في الصحراء بحديث الصحيح " { إذا كنت في غنمك أو في باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة } " ا هـ وأقره في النهر .

أقول : يخالفه ما في القهستاني من أنه يجب يعني يلزم الجهر بالأذان لإعلام الناس ، فلو أذن لنفسه خافت ; لأنه الأصل في الشرع كما في كشف المنار . ا هـ . على أن ما استدل به يفيد رفع الصوت للمنفرد في بيته أيضا لتكثير الشهود يوم القيامة ، إلا أن يقال المراد المبالغة في رفع الصوت ، والمؤذن في بيته يرفع دون ذلك فوق ما يسمع نفسه ، وعليه يحمل ما في القهستاني فليتأمل .

( قوله : لا لفاسدة ) أي إذا أعيدت في الوقت ، وإلا كانت فائتة ط . [ ص: 391 ] وفي المجتبى : قوم ذكروا فساد صلاة صلوها في المسجد في الوقت قضوها بجماعة فيه ولا يعيدون الأذان والإقامة ، وإن قضوها بعد الوقت قضوها في غير ذلك المسجد بأذان وإقامة . ا هـ . لكن سيأتي أن الإقامة تعاد لو طال الفصل .

( قوله : فيه ) أي في الأذان .

( قوله : لو في مجلس ) أما لو في مجالس ، فإن صلى في مجلس أكثر من واحدة فكذلك وإلا أذن وأقام لها .

( قوله : وفعله أولى ) لأنه اختلفت الروايات في قضائه صلى الله عليه وسلم ما فاته يوم الخندق ، ففي بعضها أنه أمر بلالا فأذن وأقام للكل ، وفي بعضها أنه اقتصر على الإقامة فيما بعد الأولى ، فالأخذ بالزيادة أولى خصوصا في باب العبادات ، وتمامه في الإمداد .

( قوله : ويقيم للكل ) أي لا يخير في الإقامة للباقي ، بل يكره تركها كما في نور الإيضاح .

[ تتمة ] يأتي في صلاتي الجمع بعرفة بأذان واحد وإقامتين وبمزدلفة بأذان وإقامة واختار الطحاوي أنه كعرفة ورجحه ابن الهمام كما سيأتي في بابه إن شاء الله . وبقي لو جمع بين فائتة ومؤداة لم أره ، ويظهر لي أنه يأتي بأذانين وإقامتين ، والفرق بينه وبين الجمع بمزدلفة لا يخفى .

( قوله : ولا يسن ذلك ) أي الأذان والإقامة ، وأفرد الضمير على تأويل المذكور ح ، وأراد بنفي السنية الكراهة في المواضع الثلاث المذكورة كما يعلم من الإمداد .

( قوله : ولو جماعة ) أخذه من قول الفتح ; لأن عائشة أمتهن بغير أذان ولا إقامة حين كانت جماعتهن مشروعة وهذا يقتضي أن المنفردة أيضا كذلك ; لأن تركهما لما كان هو السنة حال شرعية الجماعة كان حال الانفراد أولى ا هـ قلت : وهو ظاهر في السراج أيضا ، وكان الأولى للشارح أن يقول ولو منفردة ; لأن جماعتهن الآن غير مشروعة فتفطن .

( قوله : كجماعة صبيان وعبيد ) لأنها غير مشروعة ، فلا يشرعان فيها كتكبير التشريق عقبها بحر عن الزيلعي .

( قوله : في مصر ) شمل المعذور وغيره زيلعي ، وفي القرى لا يكره بكل حال ظهيرية : أي لا قبل أداء الجمعة في غيرها ولا بعده ، لقوله وقيل بعد أداء الجمعة لا يكره في المصر .

( قوله : لأن فيه تشويشا إلخ ) إنما يظهر أن لو كان الأذان لجماعة ، أما إذا كان منفردا ويؤذن بقدر ما يسمع نفسه فلا ط . وفي الإمداد أنه إذا كان التفويت لأمر عام فالأذان في المسجد لا يكره لانتفاء العلة كفعله صلى الله عليه وسلم ليلة التعريس ا هـ لكن ليلة التعريس كانت في الصحراء لا في المسجد .

( قوله : لأن التأخير معصية ) إنما يظهر أيضا في الجماعة لا المنفرد ط أي لأن المنفرد يخافت في أذانه كما قدمناه عن القهستاني . على أنه إذا كان التفويت لأمر عام لا يكره ذلك للجماعة أيضا ; لأن هذا التأخير غير معصية .

هذا ويظهر من التعليل أن المكروه قضاؤها مع الاطلاع عليها ولو في غير المسجد كما أفاده في المنح في باب قضاء الفوائت




الخدمات العلمية