الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في فوائد من آداب النوم .

( تتمة ) في فوائد من آداب النوم : منها أنه يستحب لمن أراد النوم أن يذكر اسم الله عند غلق الباب وطفء [ ص: 383 ] المصباح وتغطية الإناء ، لما في الصحيحين عن جابر بن عبد الله مرفوعا { إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهبت ساعة من الليل فخلوهم وأغلق بابك واذكر اسم الله ، وخمر إناءك ، واذكر اسم الله ، ولو أن تعرض عليه شيئا } .

وتقدم هذا عند قول الناظم ويشرع إيكاء السقاء وغطاء الإناء إلخ .

ومنها استحباب النوم على طهارة ; لما روى الترمذي والطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { من آوى إلى فراشه طاهرا يذكر اسم الله - تعالى - حتى يدركه النعاس لم ينقلب ساعة من الليل يسأل الله - عز وجل - فيها شيئا من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه } قال الترمذي حديث حسن . وروى أبو القاسم الطبراني في الأوسط بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { طهروا هذه الأجساد طهركم الله ; فإنه ليس من عبد يبيت طاهرا إلا بات معه في شعاره ملك لا ينقلب ساعة من الليل إلا قال : اللهم اغفر لعبدك فإنه بات طاهرا }

وروى أبو نعيم في الحلية عن ابن جبر أنه قال : قال لي ابن عباس رضي الله عنهما " : لا تنام إلا على وضوء فإن الأرواح تبعث على ما قبضت عليه . وروى ابن المبارك في الزهد عن أبي الدرداء موقوفا { إذا نام العبد على طهارة رفع روحه إلى العرش } ورواه البيهقي في الشعب موقوفا على عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما . وروى الحاكم الترمذي عن عمرو بن حريث مرفوعا { النائم الطاهر كالصائم القائم } . وبسنده عن أبي الدرداء موقوفا { إن النفس تعرج إلى الله - تعالى - في منامها ، فما كان طاهرا سجد تحت العرش ، وما كان غير طاهر تباعد في سجوده ، وما كان جنبا لم يؤذن لها في السجود }

. وقال طاوس " من بات على طهر وذكر كان فراشه له مسجدا حتى يصبح " رواه ابن أبي الدنيا . وسئل الحكم بن عتيبة الكندي - رحمة الله عليه - : أينام الرجل على غير [ ص: 384 ] وضوء ؟ قال : يكره ذلك وإنا لنفعله .

والمعتمد عدم الكراهة إلا أن يكون جنبا . قال العلماء : فإن كان متوضئا كفاه ذلك الوضوء ، لأن المقصود النوم على طهارة مخافة أن يموت في ليلته ، وليكون أصدق رؤيا وأبعد من تلاعب الشيطان به في منامه وترويعه إياه ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية