الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ( 30 ) )

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( قل للمؤمنين ) بالله وبك يا محمد ( يغضوا من أبصارهم ) يقول : يكفوا من نظرهم إلى ما يشتهون النظر إليه ، مما قد نهاهم الله عن النظر إليه ( ويحفظوا فروجهم ) أن يراها من لا يحل له رؤيتها ، بلبس ما يسترها عن أبصارهم ( ذلك أزكى لهم ) يقول : فإن غضها من النظر عما لا يحل النظر إليه ، وحفظ الفرج عن أن يظهر لأبصار الناظرين ; أطهر لهم عند الله وأفضل ( إن الله خبير بما يصنعون ) يقول : إن الله ذو خبرة بما تصنعون أيها الناس فيما أمركم به من غض أبصاركم عما أمركم بالغض عنه ، وحفظ فروجكم عن إظهارها لمن نهاكم عن إظهارها له .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قوله : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) قال : كل فرج ذكر حفظه في القرآن فهو من الزنا إلا هذه ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) فإنه يعني الستر .

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، [ ص: 155 ] قوله : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) قال : يغضوا أبصارهم عما يكره الله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) قال : يغض من بصره : أن ينظر إلى ما لا يحل له ، إذا رأى ما لا يحل له غض من بصره لا ينظر إليه ، ولا يستطيع أحد أن يغض بصره كله ، إنما قال الله : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية