الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد ( 17 ) )

يقول تعالى ذكره : إن الفصل بين هؤلاء المنافقين الذين يعبدون الله على حرف ، والذين أشركوا بالله فعبدوا الأوثان والأصنام ، والذين هادوا ، وهم اليهود والصابئون والنصارى والمجوس الذي عظموا النيران وخدموها ، وبين الذين آمنوا بالله ورسله إلى الله ، وسيفصل بينهم يوم القيامة بعدل من القضاء ، وفصله بينهم إدخاله النار الأحزاب كلهم والجنة المؤمنين به وبرسله ، فذلك هو الفصل من الله بينهم .

وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا ) قال : الصابئون : قوم يعبدون الملائكة ، ويصلون للقبلة ، ويقرءون الزبور . والمجوس : يعبدون الشمس والقمر [ ص: 585 ] والنيران . والذين أشركوا : يعبدون الأوثان . والأديان ستة : خمسة للشيطان ، وواحد للرحمن . وأدخلت " إن " في خبر " إن " الأولى لما ذكرت من المعنى ، وأن الكلام بمعنى الجزاء ، كأنه قيل : من كان على دين من هذه الأديان ، ففصل ما بينه وبين من خالفه على الله ، والعرب تدخل أحيانا في خبر " إن " " إن " إذا كان خبر الاسم الأول في اسم مضاف إلى ذكره ، فتقول : إن عبد الله إن الخير عنده لكثير ، كما قال الشاعر .


إن الخليفة إن الله سربله سربال ملك به ترجى الخواتيم



وكان الفراء يقول : من قال هذا لم يقل : إنك إنك قائم ، ولا إن إياك إنه قائم ، لأن الاسمين قد اختلفا ، فحسن رفض الأول ، وجعل الثاني كأنه هو المبتدأ ، فحسن للاختلاف وقبح للاتفاق .

وقوله : ( إن الله على كل شيء شهيد ) يقول : إن الله على كل شيء من أعمال هؤلاء الأصناف الذين ذكرهم الله جل ثناؤه ، وغير ذلك من الأشياء كلها شهيد لا يخفى عنه شيء من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية