الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1353 حدثنا يحيى بن يحيى وإسحق بن إبراهيم قالا أخبرنا جرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فتح مكة لا هجرة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا وكيع عن سفيان ح وحدثنا إسحق بن منصور وابن رافع عن يحيى بن آدم حدثنا مفضل يعني ابن مهلهل ح وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل كلهم عن منصور بهذا الإسناد مثله

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ؛ فتح مكة : لا هجرة ولكن جهاد ونية ) وفي الرواية الأخرى : لا هجرة بعد الفتح قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة ، وتأولوا هذا الحديث تأويلين : أحدهما : لا هجرة بعد الفتح من مكة لأنها صارت دار إسلام ، فلا تتصور منها الهجرة . والثاني وهو الأصح أن معناه : أن الهجرة الفاضلة المهمة المطلوبة التي يمتاز بها أهلها امتيازا ظاهرا انقطعت بفتح مكة ، ومضت لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة ، لأن الإسلام قوي وعز بعد فتح مكة عزا ظاهرا بخلاف ما قبله .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولكن جهاد ونية ) معناه أن تحصيل الخير بسبب الهجرة قد انقطع بفتح مكة ولكن حصلوه بالجهاد والنية الصالحة . وفي هذا : الحث على نية الخير مطلقا ، وأنه يثاب على النية .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإذا استنفرتم فانفروا ) معناه : إذا طلبكم الإمام للخروج إلى الجهاد فاخرجوا ، وهذا دليل على أن الجهاد ليس فرض عين ، بل فرض كفاية إذا فعله من تحصل بهم الكفاية سقط الحرج عن الباقين ، وإن تركوه كلهم أثموا كلهم ، قال أصحابنا : الجهاد اليوم فرض كفاية ، إلا أن ينزل الكفار ببلد المسلمين فيتعين عليهم الجهاد ، فإن لم يكن في أهل ذلك البلد كفاية وجب على من يليهم تتميم الكفاية ، وأما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فالأصح عند أصحابنا أنه كان أيضا فرض كفاية . والثاني : أنه كان فرض عين ، واحتج القائلون بأنه كان فرض كفاية بأنه كان تغزو السرايا ، وفيها بعضهم دون بعض .




                                                                                                                الخدمات العلمية