الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1827 حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن أيوب عن أبي قلابة عن زهدم عن أبي موسى قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحم دجاج قال وفي الحديث كلام أكثر من هذا وهذا حديث حسن صحيح وقد روى أيوب السختياني هذا الحديث أيضا عن القاسم التميمي وعن أبي قلابة عن زهدم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن سفيان ) هو الثوري ( عن أيوب ) هو السختياني .

                                                                                                          [ ص: 450 ] قوله : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحم دجاج ) فيه جواز أكل الدجاج إنسية ووحشية ، وهو بالاتفاق إلا عن بعض المتعمقين على سبيل الورع ، إلا أن بعضهم استثنى الجلالة ، وهي ما تأكل الأقذار ، وظاهر صنيع أبي موسى أنه لم يبال بذلك . وقد أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن عمر أنه كان يحبس الدجاجة الجلالة ثلاثا . وقال مالك والليث : لا بأس بأكل الجلالة من الدجاج وغيره ، وإنما جاء النهي عنها للتقذر . وقد ورد النهي عن أكل الجلالة من طرق أصحها ما أخرجه الترمذي وصححه وأبو داود والنسائي من طريق قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن المجثمة وعن لبن الجلالة ، وعن الشرب من في السقاء ، وهو على شرط البخاري في رجاله إلا أن أيوب رواه عن عكرمة ، فقال عن أبي هريرة أخرجه البيهقي والبزار من وجه آخر عن أبي هريرة : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلالة وعن شرب ألبانها وأكلها وركوبها . ولابن أبي شيبة بسند حسن عن جابر : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلالة أن يؤكل لحمها أو يشرب لبنها . ولأبي داود والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وعن الجلالة عن ركوبها وأكل لحمها ، وسنده حسن . وقد أطلق الشافعية كراهة أكل الجلالة إذا تغير لحمها بأكل النجاسة ، وفي وجه إذا أكثرت من ذلك . ورجح أكثرهم أنها كراهة تنزيه ، وهو قضية صنيع أبي موسى . ومن حجتهم أن العلف الطاهر إذا صار في كرشها تنجس فلا تتغذى إلا بالنجاسة ، ومع ذلك فلا يحكم على اللحم واللبن بالنجاسة ، فكذلك هذا .

                                                                                                          وتعقب بأن العلف الطاهر إذا تنجس بالمجاورة جاز إطعامه للدابة لأنها إذا أكلته لا تتغذى بالنجاسة وإنما تتغذى بالعلف بخلاف الجلالة ، وذهب جماعة من الشافعية وهو قول الحنابلة إلى أن النهي للتحريم ، وبه جزم ابن دقيق العيد عن الفقهاء وهو الذي صححه أبو إسحاق المروزي والقفال وإمام الحرمين والبغوي والغزالي ، وألحقوا بلحمها ولبنها بيضها . وفي معنى الجلالة ما يتغذى بالنجس كالشاة ترضع من كلبة . والمعتبر في جواز أكل الجلالة زوال رائحة النجاسة بعد أن تعلف بالشيء الطاهر على الصحيح . وجاء عن السلف فيه توقيت ، فعند ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يحبس الدجاجة الجلالة ثلاثا كما تقدم . وأخرج البيهقي بسند فيه نظر عن عبد الله بن عمرو مرفوعا أنها لا تؤكل حتى تعلف أربعين يوما ، قاله الحافظ في الفتح .

                                                                                                          اعلم أن الترمذي أورد هذا الحديث مختصرا مقتصرا على القدر المذكور وساقه في الشمائل مطولا إلى هذا أشار بقوله ( وفي الحديث كلام أكثر من هذا ) وقد أخرجه البخاري مطولا في باب لحم الدجاج وغيره ومسلم في الإيمان .

                                                                                                          [ ص: 451 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان ( وقد روى أيوب السختياني هذا الحديث عن القاسم التميمي ) هو ابن عاصم التميمي ويقال الكليني بضم الكاف وفتح اللام بعدها تحتانية ثم نون نسبة إلى كلين قرية من قرى العراق مقبول من الرابعة .




                                                                                                          الخدمات العلمية