الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3112 حدثنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها وأنا هذا فاقض في ما شئت فقال له عمر لقد سترك الله لو سترت على نفسك فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فانطلق الرجل فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فدعاه فتلا عليه وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين إلى آخر الآية فقال رجل من القوم هذا له خاصة قال لا بل للناس كافة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وهكذا روى إسرائيل عن سماك عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وروى سفيان الثوري عن سماك عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ورواية هؤلاء أصح من رواية الثوري وروى شعبة عن سماك بن حرب عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري حدثنا محمد بن يوسف عن سفيان الثوري عن الأعمش وسماك عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه بمعناه حدثنا محمود بن غيلان حدثنا الفضل بن موسى عن سفيان عن سماك عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه بمعناه ولم يذكر فيه الأعمش وقد روى سليمان التيمي هذا الحديث عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( إني عالجت امرأة ) أي داعبتها وناولت منها ما يكون بين الرجل والمرأة غير أني ما جامعتها ( في أقصى المدينة ) أي أسفلها وأبعدها عن المسجد ( ما دون أن أمسها ) " ما " موصولة ، أي أصبت منها ما يجاوز المس ، أي المجامعة ( وأنا هذا ) أي أنا موجود وحاضر بين يديك ومنقاد لحكمك ( فاقض في ) أي فاحكم في حقي ( ما شئت ) أي أردته مما يجب علي ، كناية عن غاية التسليم والانقياد إلى حكم الله ورسوله ( لو سترت على نفسك ) أي لكان حسنا ( فلم يرد عليه ) أي على الرجل ، أو على عمر ( شيئا ) من الكلام انتظارا لقضاء الله فيه رجاء أن يخفف من عقوبته ( فانطلق الرجل ) أي فذهب ظنا منه لسكوته عليه الصلاة والسلام أن الله سينزل فيه شيئا ، وأنه لا بد أن يبلغه ، فإن كان عفوا شكر ، وإلا عاد ليستوفي منه ( فأتبعه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) أي أرسل عقبه ( رجلا ) ليدعوه ( فتلا عليه ) أي فقرأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الرجل أقم الصلاة طرفي النهار الغداة والعشي ، أي الصبح والظهر والعصر وزلفا جمع زلفة ، أي طائفة من الليل أي المغرب والعشاء إن الحسنات كالصلوات الخمس يذهبن السيئات أي الذنوب الصغائر ذلك ذكرى للذاكرين عظة للمتعظين ، كذا في الجلالين .

                                                                                                          [ ص: 424 ] وقال الرازي في تفسيره : كثرت المذاهب في تفسير طرفي النهار والأقرب أن الصلاة تقام في طرفي النهار وهي الفجر والعصر ، وذلك لأن أحد طرفي النهار هو طلوع الشمس ، والطرف الثاني منه غروبها . فالطرف الأول هو صلاة الفجر ، والطرف الثاني لا يجوز أن يكون صلاة المغرب لأنها داخلة تحت قوله تعالى وزلفا من الليل فوجب حمل الطرف الثاني على صلاة العصر . انتهى .

                                                                                                          وقال مجاهد : طرفي النهار : يعني صلاة الصبح والظهر والعصر ، وزلفا من الليل : يعني صلاة المغرب والعشاء .

                                                                                                          وقال مقاتل : صلاة الصبح والظهر طرف ، وصلاة العصر والمغرب طرف وزلفا من الليل يعني صلاة العشاء .

                                                                                                          وقال الحسن : طرفي النهار الصبح والعصر ، وزلفا من الليل المغرب والعشاء .

                                                                                                          وقال ابن عباس : طرفي النهار الغداة والعشي يعني صلاة الصبح والمغرب كذا في الخازن .

                                                                                                          وقال في المدارك : وأقم الصلاة طرفي النهار غدوة وعشية وزلفا من الليل وساعات من الليل جمع زلفة ، وهي ساعاته القريبة من آخر النهار ، من أزلفه : إذا قربه ، وصلاة الغدوة : الفجر ، وصلاة العشية : الظهر والعصر لأن ما بعد الزوال عشى ، وصلاة الزلف : المغرب والعشاء . انتهى .

                                                                                                          وقال في القاموس : الزلفة بالضم : الطائفة من الليل والزلف ساعات الليل الآخذة من النهار ، وساعات النهار الآخذة من الليل . انتهى .

                                                                                                          قلت : والأقرب عندي والله تعالى أعلم ، ما اختاره في تفسير الجلالين والمدارك وهو قول مجاهد ( فقال رجل من القوم ) قيل هو عمر بن الخطاب ، وقيل هو معاذ بن جبل ( هذا له ) أي هذا الحكم للسائل ( خاصة ) أي يخصه خصوصا ، أم للناس عامة ( قال بل للناس كافة ) هكذا تستعمل " كافة " حالا ، أي كلهم ولا يضاف فيقال كافة الناس ، ولا الكافة بالألف واللام وهو معدود في تصحيف العوام ومن أشبههم ، قاله النووي .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) قال الحافظ أخرجه مسلم وأصحاب السنن .

                                                                                                          [ ص: 425 ] قوله : ( ورواية هؤلاء أصح من رواية الثوري ) أي رواية أبي الأحوص وإسرائيل ، وشعبة أصح من رواية سفيان الثوري .




                                                                                                          الخدمات العلمية