الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 144 ] الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون

مقابل قوله في أضدادهم الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، فما قيل في مقابله يقال فيه .

وقرأ الجمهور تتوفاهم بفوقيتين ، مثل نظيره ، وقرأه حمزة وخلف بتحتية أولى كذلك .

والطيب : بزنة فيعل ، مثل قيم وميت ، وهو مبالغة في الاتصاف بالطيب ، وهو حسن الرائحة ، ويطلق على محاسن الأخلاق وكمال النفس على وجه المجاز المشهور فتوصف به المحسوسات كقوله تعالى حلالا طيبا والمعاني والنفسيات كقوله تعالى سلام عليكم طبتم ، وقولهم : طبت نفسا ، ومنه قوله تعالى والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ، وفي الحديث إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا أي مالا طيبا حلالا .

فقوله تعالى هنا طيبين يجمع كل هذه المعاني ، أي تتوفاهم الملائكة منزهين من الشرك مطمئني النفوس ، وهذا مقابل قوله في أضدادهم الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم .

وجملة يقولون سلام عليكم حال من الملائكة وهي حال مقارنة لـ ( تتوفاهم ) ، أي يتوفونهم مسلمين عليهم ، وهو سلام تأنيس وإكرام حين مجيئهم ليتوفوهم ، ; لأن فعل ( تتوفاهم ) يبتدئ من وقت حلول الملائكة إلى أن تنتزع الأرواح ، وهي حصة قصيرة .

وقولهم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون وهو مقابل قولهم لأضدادهم إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم . والقول في الأمر بالدخول للجنة حين التوفي كالقول في ضده المتقدم آنفا ، وهو هنا نعيم المكاشفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية