الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذلك بأن الله هو الحق وأن ما تدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير .

اسم الإشارة هنا تكرير لاسم الإشارة الذي سبقه ولذلك لم يعطف . ثم أخبر عنه بسبب آخر لنصر المؤمنين على المشركين بأن الله هو الرب الحق الذي إذا أراد فعل وقدر فهو ينصر أولياءه وأن ما يدعوه المشركون من دون الله هو الباطل فلا يستطيعون نصرهم ولا أنفسهم ينصرون . وهذا على حمل الباء في قوله بأن الله هو الحق على معنى السببية ، وهو محمل المفسرين . وسيأتي في سورة لقمان في نظيرها : أن الأظهر حمل الباء على الملابسة ليلتئم عطف ( وأن ما تدعون من دونه هو الباطل ) .

والحق : المطابق للواقع ، أي الصدق ، مأخوذ من حق الشيء إذا ثبت . والمعنى : أنه الحق في الإلهية . فالقصر في هذه الجملة المستفاد من ضمير الفصل قصر حقيقي .

وأما القصر في قوله ( وأن ما تدعون من دونه هو الباطل ) المستفاد من ضمير الفصل فهو قصر ادعائي لعدم الاعتداد بباطل غيرها حتى كأنه ليس من الباطل . وهذا مبالغة في تحقير أصنامهم لأن [ ص: 317 ] المقام مقام مناضلة وتوعد ، وإلا فكثير من أصنام وأوثان غير العرب باطل أيضا . وقرأ نافع ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم ، وأبو جعفر ( تدعون ) بالتاء الفوقية على الالتفات إلى خطاب المشركين لأن الكلام السابق الذي جرت عليهم فيه ضمائر الغيبة مقصود منه إسماعهم والتعريض باقتراب الانتصار عليهم . وقرأ البقية بالتحتية على طريقة الكلام السابق . وعلو الله : مستعار للجلال والكمال التام .

والكبر : مستعار لتمام القدرة ، أي هو العلي الكبير دون الأصنام التي تعبدونها إذ ليس لها كمال ولا قدرة ببرهان المشاهدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية