الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه أخبره أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يصلون يوم الجمعة حتى يخرج عمر فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون قال ثعلبة جلسنا نتحدث فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا فلم يتكلم منا أحد قال ابن شهاب فخروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          233 231 - ( مالك عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي ) بضم القاف وبالظاء المعجمة حليف الأنصار مختلف في صحبته .

                                                                                                          قال ابن معين : له رؤية ، وقال ابن سعد : قدم أبو مالك واسمه عبد الله بن سام من اليمن وهو من كندة فتزوج امرأة من قريظة فعرف بهم ، وقال مصعب : كان ثعلبة ممن لم ينبت يوم قريظة فترك كما ترك عطية ونحوه وله رواية عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وذكره ابن حيان والعجلي في ثقات التابعين ، وقال أبو حاتم : هو تابعي وحديثه مرسل ، ورده في الإصابة بأن من يقتل أبوه بقريظة ويكون هو بصدد القتل لولا عدم الإنبات لا يمتنع أن يصح سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أنه أخبره أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب ) أي في خلافته ( يصلون يوم الجمعة ) النوافل ( حتى يخرج عمر فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون قال ثعلبة جلسنا نتحدث ) نتكلم بالعلم ونحوه لا بكلام الدنيا .

                                                                                                          قال ابن عبد البر : هذا موضع شبه فيه على بعض أصحابنا ، وأنكر أن يكون الأذان يوم الجمعة بين يدي الإمام كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر ، وأن ذلك حدث في زمن هشام بن عبد الملك وهذا قول من قل علمه .

                                                                                                          قال ابن السائب بن يزيد : كان النداء يوم الجمعة إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر ، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء ، خرجه البخاري وسماه ثالثا باعتبار الإقامة لأنها نداء إلى الصلاة ، قال : وقد رفع الإشكال فيه ابن إسحاق عن الزهري عن السائب قال : كان يؤذن بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس على المنبر يوم الجمعة وأبي بكر وعمر ، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء على الزوراء ، قال ابن المسيب : أراد أن يسعى الناس إلى الجمعة ، فهذا نص في أن الأذان كان بين يدي الإمام وعليه العمل بالأمصار .

                                                                                                          ( فإذا سكت المؤذنون ) أي فرغوا من أذانهم ( وقام عمر يخطب أنصتنا فلم يتكلم منا أحد ) ذكر الإمام هذا تقوية لما فهمه من مفهوم الحديث وهو أن منع الكلام إنما هو إذا خطب لا [ ص: 385 ] بمجرد خروجه ( قال ابن شهاب : فخروج الإمام يقطع الصلاة ) أي الشروع فيها ( وكلامه يقطع الكلام ) قال ابن عبد البر : هذا يدل على أن الأمر بالإنصات وقطع الصلاة ليس برأي وأنه سنة احتج بها ابن شهاب لأنه خبر عن علم علمه لا عن رأي اجتهده ، بل هو سنة وعمل مستفيض في زمن عمر وغيره .




                                                                                                          الخدمات العلمية