الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

4302 - عن جابر - رضي الله عنه - قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير من الليل فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم ; فإنهن يرين ما لا ترون . وأقلوا الخروج إذا هدأت الأرجل ; فإن الله عز وجل يبث من خلقه في ليلته ما يشاء . وأجيفوا الأبواب ، واذكروا اسم الله عليه ؟ فإن الشيطان لا يفتح بابا إذا أجيف ، وذكر اسم الله عليه . وغطوا الجرار ، وأكفئوا الآنية ، وأوكوا القرب " . رواه في " شرح السنة " .

التالي السابق


الفصل الثاني .

4302 - ( عن جابر - رضي الله تعالى عنه - قال : سمعت النبي ) : وفي نسخة صحيحة : رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا سمعتم نباح الكلاب ) : بضم النون وبالموحدة أي صياحها ، وفي نسخة صحيحة " الكلب " بصيغة الإفراد والمراد جنسه ( ونهيق الحمير من الليل ) : أي في بعض أجزاء الليل ، وهو قيد لهما أو للأخير ، ولعل القيد به لأنه أقبح فيه ، وهو غير موجود في الأصول ، ففي الحصن الحصين : " وإذا سمع نهيق الحمير فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم " . رواه البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ، والحاكم قال : " وكذلك إذا سمع نباح الكلاب " . رواه أبو داود ، والنسائي ، والحاكم كلهم عن عبد الله ، وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم .

( فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم ، فإنهن ) : أي الجنسين على حد : هذان خصمان اختصموا ، أو كلا من الكلاب والحمير ( يرين ) : أي يبصرن من الشياطين ( ما لا ترون ) : أي ما لا تبصرون ، وفي حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - برواية الشيخين ، وأبي داود ، والترمذي ، والنسائي : " وإذا سمع صياح الديكة ، فليسأل الله من فضله ; فإنها رأت ملكا " .

قال القاضي عياض : سببه رجاء تأمين الملائكة على الدعاء واستغفارهم وشهادتهم بالتضرع والإقبال على الله والإخلاص ، وفيه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين والتبرك بهم اهـ . وكذا يستحب الدعاء عند رؤية الظالمين والفاسقين ، بل المبتلين بالدنيا ، كما كان الشبلي - قدس الله سره - إذا رأى أحدا من أبناء الدنيا يقول : " اللهم إني أسألك العفو والعافية ، الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به " ، والحاصل أن رؤية الصالحين والفاسقين بمنزلة سماع آيات الوعد والوعيد ، فينبغي أن يطلب في الأول ، ويستعيذ في الثاني .

[ ص: 2762 ] وقد جاء في الجامع الصغير عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - برواية أحمد والشيخين وأبي داود والترمذي مرفوعا بلفظ : " إذا سمعتم أصوات الديكة فاسألوا الله من فضله ؟ فإنها رأت ملكا ، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان ؟ فإنها رأت شيطانا " ( وأقلوا الخروج ) : أي من بيوتكم ( إذا هدأت ) : بفتح الهاء ، والدال المهملة والهمزة أي سكنت ( الأرجل ) : جمع رجل أي إذا قل تردد الناس في الطرق بالليل وسكن الناس عن المشي من الهدأة والهدء السكون عن الحركة ( فإن الله عز ) : أي شأنه ( وجل ) : أي برهانه ( يبث ) : بضم الموحدة وتشديد المثلثة أي ينشر ويفرق ( من خلقه ) : أي مخلوقاته من الجن والشياطين والحيوانات المضرة وغيرها كالفسقة والحرامية ( في ليلته ) : وفي رواية : " في ليلة " ( ما يشاء ) : مفعول يبث ومن خلقه بيان " ما " مقدم عليها ( وأجيفوا الأبواب ) : أي ردوها وأغلقوها ( واذكروا اسم الله عليه ) : أي على إغلاقها ، وفي حال ردها ، وفي رواية : عليها أي على الأبواب ( فإن الشيطان لا يفتح بابا إذا أجيف ) : وفي رواية : بابا أجيف أي رد ( وذكر اسم الله عليه ) : أي حين رده ( وغطوا الجرار ) : بكسر الجيم جمع الجرة أي الظروف والأواني إذا كان فيها المشي ( وأكفئوا الآنية ) : بقطع الهمزة ، وقيل بوصلها ففي شرح السنة قال الكسائي : يقال : كفأت الإناء إذا كببته وأكفأته وكفأته أيضا إذا أملته ليفرغ ما فيها ، وفي الغريبين : المراد بإكفاء الآنية هاهنا قلبها كيلا يدب عليها شيء ينجسها ( وأوكوا القرب ) : أي شدوا أفواهها خصوصا بالليل ، فإنه أدهى للويل ، وفي رواية تقديم جملة أوكوا على أكفئوا ( رواه ) : أي البغوي ( في شرح السنة ) : وغالب هذه المعاني موجودة في الصحاح والحسان ، ثم رأيت الحديث بعينه في الجامع الصغير مع اختلافات قليلة أشرت إليها في الأثناء ، وقد رواه أحمد والبخاري في تاريخه ، وأبو داود وابن حبان في صحيحه ، والحاكم في مستدركه عن جابر ، ولعل المصنف لم يطلع على أحد من هؤلاء المخرجين ، ولهذا نسب الحديث إلى صاحب المصابيح في كتابه : ( شرح السنة ) : مع أنه ليس من الأصول المشهورة .




الخدمات العلمية