الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        34 - الحديث السابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا جلس بين شعبها الأربع ، ثم جهدها ، فقد وجب الغسل } ، وفي لفظ { وإن لم ينزل } .

                                        التالي السابق


                                        " الشعب " جمع شعبة ، وهي الطائفة من الشيء ، والقطعة منه ، واختلفوا في المراد بالشعب الأربع ، فقيل : يداها ورجلاها ، أو رجلاها وفخذاها ، أو فخذاها وأسكتاها أو نواحي الفرج الأربع ، وفسر " الشعب " بالنواحي ، وكأنه تحويم على طلب الحقيقة الموجبة للغسل والأقرب عندي : أن يكون المراد : اليدين والرجلين ، أو الرجلين والفخذين ، ويكون الجماع مكنيا عنه بذلك ، ويكتفى بما ذكر عن التصريح ، وإنما رجحنا هذا ; لأنه أقرب إلى الحقيقة ، إذ هو حقيقة في الجلوس بينهما ، وأما إذا حمل على نواحي الفرج : فلا جلوس بينها حقيقة ، وقد يكتفى بالكناية عن التصريح ، لا سيما في أمثال هذه الأماكن التي يستحيي من التصريح بذكرها ، وأيضا فقد نقل عن بعضهم أنه قال " الجهد " من أسماء النكاح ، ذكر ذلك عن الخطابي ، وعلى هذا فلا يحتاج إلى أن يجعل قوله " جلس بين شعبها الأربع " كناية عن الجماع ، فإنه صرح به بعد ذلك ، [ ص: 145 ] وقوله في الحديث " ثم جهدها " بفتح الجيم والهاء : أي بلغ مشقتها ، يقال منه : جهده ، وأجهده ، أي بلغ مشقته ، وهذا أيضا لا يراد حقيقته ، وإنما المقصود منه : وجوب الغسل بالجماع ، وإن لم ينزل ، وهذه كلها كنايات ، يكتفى بفهم المعنى منها عن التصريح ، وقوله " بين شعبها الأربع " كناية عن المرأة ، وإن لم يجر لها ذكر ، اكتفاء بفهم المعنى من السياق ، كما في قوله عز وجل : { حتى توارت بالحجاب } والحكم عند جمهور الأمة ، على مقتضى هذا الحديث ، في وجوب الغسل بالتقاء الختانين ، من غير إنزال ، وخالف في ذلك داود وبعض أصحابه الظاهرية ، وخالفه بعض الظاهرية ووافق الجماعة .

                                        ، ومستند الظاهرية : قوله صلى الله عليه وسلم " إنما الماء من الماء " وقد جاء في الحديث " إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ، ثم نسخ " ذكره الترمذي ،




                                        الخدمات العلمية