الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 477 ] باب النفقة على الأقارب من كتاب النفقة ومن ثلاثة كتب مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " في كتاب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بيان أن على الأب أن يقوم بالمؤنة في إصلاح صغار ولده من رضاع ونفقة وكسوة وخدمة دون أمه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : نفقة الأولاد على الآباء بدليل الكتاب والسنة والإجماع والعبرة .

                                                                                                                                            فأما الكتاب فقوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف [ البقرة : 233 ] فدلت هذه الآية على أمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : على وجوب نفقة الأولاد على الآباء دون الأمهات ، ودلت على أن اشتغال الأم بتربية ولدها لا يوجب سقوط نفقتها وقال عز وجل : ، فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن [ الطلاق : 16 ] يعني المطلقات إذا أرضعن أولادهن وجبت لهن أجرة الرضاعة فلما لزمت أجرة الرضاع كان لزوم النفقة أحق . وقال تعالى : ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم [ الإسراء : 31 ] ، فلولا وجوب النفقة عليه ما قتله خشية الإملاق من النفقة .

                                                                                                                                            وأما دليل السنة فما روى الشافعي عن سفيان عن أبي عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال : إن معي دينارا قال : أنفقه على نفسك ، قال : إن معي آخر قال : أنفقه على ولدك ، قال : إن معي آخر ، قال : أنت أعلم . فدل على وجوب النفقة للولد .

                                                                                                                                            وروى الشافعي عن أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن عائشة أنها حدثته أن هند أم معاوية جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أبا سفيان رجل شحيح وإنه لا يعطيني وولدي إلا ما آخذ منه سرا وهو لا يعلم ؛ فهل علي في ذلك من شيء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ، فدل هذا أيضا على وجوب نفقة الولد .

                                                                                                                                            وأما العبرة : فإن وجود البعضية بينهما وأنه يعتق كل واحد منهما على صاحبه كما [ ص: 478 ] تعتق عليه نفسه ، ولا يشهد له كما لا يشهد لنفسه فوجب أن ينفق كل واحد منهما على صاحبه كما ينفق على نفسه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية