الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 232 ] 163

ثم دخلت سنة ثلاث وستين ومائة

ذكر غزو الروم

في هذه السنة تجهز المهدي لغزو الروم ، فخرج وعسكر بالبردان ، وجمع الأجناد من خراسان وغيرها ، وسار عنها ، وكان قد توفي عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس في جمادى الآخرة ، وسار المهدي من الغد ، واستخلف على بغداذ ابنه موسى الهادي ، واستصحب معه ابنه هارون الرشيد ، وسار على الموصل والجزيرة ، وعزل عنها عبد الصمد بن علي في مسيره ذلك .

ولما حاذى قصر مسلمة بن عبد الملك قال العباس بن محمد بن علي للمهدي : إن لمسلمة في أعناقنا منة ، كان محمد بن علي مر به ، فأعطاه أربعة آلاف دينار ، وقال له : إذا نفدت فلا تحتشمنا ، فأحضر المهدي ولد مسلمة ومواليه ، وأمر لهم بعشرين ألف دينار ، وأجرى عليهم الأرزاق ، وعبر الفرات إلى حلب ، وأرسل ، وهو بحلب ، فجمع من بتلك الناحية من الزنادقة ، فجمعوا ، فقتلهم ، وقطع كتبهم بالسكاكين .

وسار عنها مشيعا لابنه هارون الرشيد ، حتى جاز الدرب وبلغ جيحان ، فسار هارون ، ومعه عيسى بن موسى ، وعبد الملك بن صالح ، والربيع ، والحسن بن قحطبة ، والحسن وسليمان ابنا برمك ، ويحيى بن خالد بن برمك ، وكان إليه أمر العسكر ، والنفقات ، والكتابة وغير ذلك .

فساروا فنزلوا على حصن سمالوا ، فحصره هارون ثمانية وثلاثين يوما ونصب عليه المجانيق ، ففتحه الله عليهم بالأمان ، ووفى لهم ، وفتحوا فتوحا كثيرة .

ولما عاد المهدي من الغزاة زار بيت المقدس ، ومعه يزيد بن منصور ، والعباس بن محمد بن علي ، والفضل بن صالح بن علي ، وعلي بن سليمان بن علي ، وقفل المسلمون سالمين ، إلا من قتل منهم .

[ ص: 233 ] وعزل المهدي إبراهيم بن صالح عن فلسطين ، ثم رده .

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة ولى المهدي ابنه هارون المغرب كله ، وأذربيجان ، وأرمينية ، وجعل كاتبه على الخراج ثابت بن موسى ، وعلى رسائله يحيى بن خالد بن برمك .

وفيها عزل زفر بن عاصم عن الجزيرة ، واستعمل عليها عبد الله بن صالح .

وفيها عزل المهدي معاذ بن مسلم عن خراسان ، واستعمل عليها المسيب بن زهير الضبي ، وعزل يحيى الحرشي عن أصبهان ، وولى مكانه الحكم بن سعيد ، وعزل سعيد بن دعلج عن طبرستان والرويان ، وولاهما عمر بن العلاء ، وعزل مهلل بن صفوان عن جرجان ، وولاها هشام بن سعيد .

( وكان على مكة والمدينة والطائف واليمامة جعفر بن سليمان ) ، وكان على الكوفة : إسحاق بن الصباح ، وعلى البصرة وفارس والبحرين والأهواز : محمد بن سليمان ، وعلى السند : نصر بن محمد بن الأشعث ، وعلى الموصل : محمد بن الفضل .

وحج بالناس هذه السنة علي بن المهدي .

وفيها أظهر عبد الرحمن الأموي ، صاحب الأندلس ، التجهز للخروج إلى الشام بزعمه لمحو الدولة العباسية ، وأخذ ثأره منهم ، فعصى عليه سليمان بن يقظان ، [ ص: 234 ] والحسين بن يحيى ( بن سعيد بن سعد بن عثمان الأنصاري ) بسرقسطة ، واشتد أمرهما ، فترك ما كان عزم عليه .

[ الوفيات ]

وفيها مات موسى بن علي بن رباح اللخمي بضم العين مصغرا ( ورباح بالباء الموحدة ) .

وفيها مات إبراهيم بن طهمان ، وكان عالما فاضلا ، وكان مرجئا من أهل نيسابور ، ومات بمكة .

وفيها توفي أبو الأشهب جعفر بن حيان بالبصرة .

وفيها توفي بكار بن شريح ، قاضي الموصل بها ، وكان فاضلا ، وولي القضاء بها أبو مكرز الفهري ، واسمه يحيى بن عبد الله بن كرز .

التالي السابق


الخدمات العلمية