الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وتجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه في دار الحرب وتستحب لمن قدر عليه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وتجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه في دار الحرب ) وهي ما يغلب فيها حكم الكفر ، لقوله تعالى : إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم الآيات [ النساء : 98 ] ولقوله - صلى الله عليه وسلم - أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين . قالوا : يا رسول الله : ولم ؛ قال : لا تراءى ناراهما . رواه أبو داود [ ص: 314 ] والترمذي . ومعناه : لا يكون بموضع يرى نارهم ، ويرون ناره إذا أوقدت .

                                                                                                                          ولأن القيام بأمر الدين واجب على القادر ، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .

                                                                                                                          وشرطه أن يطيق ذلك ، صرح به في " المغني " و " الفروع " لقوله تعالى : إلا المستضعفين الآية [ النساء : 98 ] وألحق بعضهم بدار الحرب دار البغاة ، والبدعة كرفض واعتزال ، لا فرق بين الرجال والنساء ، ولو في العدة ، بلا راحلة ولا محرم . وفي " عيون المسائل " إن أمنت على نفسها من الفتنة في دينها ، لم تهاجر إلا بمحرم ، كالحج ، ومعناه في " منتهى الغاية " وزاد : إن أمكنها إظهار دينها ، وفي كلام المؤلف إشعار ببقاء حكم الهجرة ، وهو قول الجماهير إذ حكمها مستمر إلى يوم القيامة للأحاديث الواردة فيه .

                                                                                                                          وأما قوله : لا هجرة بعد الفتح ، وقد انقطعت الهجرة أي : لا هجرة من مكة بعد فتحها ؛ لأن الهجرة إليه ، لا منه .

                                                                                                                          ( وتستحب لمن قدر عليه ) أي : على إظهار دينه ليتمكن من جهادهم ، ويكثر المسلمين ، ويعينهم ، ويتخلص من تكثير عدوهم ، والاختلاط بهم ، وقضية نعيم شاهدة بذلك . وذكر أبو الفرج : تجب . وأطلق في " المستوعب " : لا يسن لامرأة بلا رفقة ، من صلى لزمته الهجرة ، وأما العاجز عنها ، فاستحباب ، قاله في " المغني " و " الشرح " .

                                                                                                                          فرع : لا تجب الهجرة من بين أهل المعاصي ، لكن روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : إن أرضي واسعة [ العنكبوت : 56 ] أن المعنى [ ص: 315 ] إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرجوا منها ، قاله عطاء ، ويرده ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - من رأى منكم منكرا فليغيره بيده . . . . الحديث .




                                                                                                                          الخدمات العلمية