الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين .

                                                                                                                                                                                                                                      الضمير في قوله : منهم عائد إلى الملائكة المذكورين في قوله : بل عباد مكرمون [ 21 \ 26 ] والمعنى أنهم مع كرامتهم على الله لو ادعى أحد منهم أن له الحق في صرف شيء من حقوق الله الخاصة به إليه لكان مشركا ، وكان جزاؤه جهنم . ومعلوم أن التعليق يصح فيما لا يمكن ولا يقع ، فقوله : قل إن كان للرحمن ولد الآية [ 43 \ 81 ] وقوله : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [ 21 \ 22 ] والمراد بذلك تعظيم أمر الشرك . وهذا الفرض والتقدير الذي ذكره - جل وعلا - هنا في شأن الملائكة ذكره أيضا في شأن الرسل ، على الجميع صلوات الله وسلامه ، قال تعالى : ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين [ 39 \ 65 ] ولما ذكر - جل وعلا - من ذكر من الأنبياء في سورة " الأنعام " في قوله : ومن ذريته داود [ 6 \ 84 ] إلى آخر من ذكر منهم ، قال بعد ذلك : ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون [ 6 \ 88 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 140 ] وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم الآية [ 21 \ 29 ] دليل قاطع على أن حقوق الله الخالصة له من جميع أنواع العبادة لا يجوز أن يصرف شيء منها لأحد ولو ملكا مقربا ، أو نبيا مرسلا . ومما يوضح ذلك قوله تعالى : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون [ 3 \ 79 - 80 ] وقوله تعالى مخاطبا لسيد الخلق - صلوات الله وسلامه عليه - : قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون [ 3 \ 64 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية