الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون

هذه آية مشكلة ، ولا سيما وفيها ونذرهم في طغيانهم يعمهون . قيل : المعنى ونقلب أفئدتهم وأنظارهم يوم القيامة على لهب النار وحر الجمر ; كما لم يؤمنوا في الدنيا . ونذرهم في الدنيا ، أي نمهلهم ولا نعاقبهم ; فبعض الآية في الآخرة ، وبعضها في الدنيا . ونظيرها وجوه يومئذ خاشعة فهذا في الآخرة . عاملة ناصبة في الدنيا . وقيل : ونقلب [ ص: 60 ] في الدنيا ; أي نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم تلك الآية ، كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة ; لما دعوتهم وأظهرت المعجزة . وفي التنزيل : واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه . والمعنى : كان ينبغي أن يؤمنوا إذا جاءتهم الآية فرأوها بأبصارهم وعرفوها بقلوبهم ; فإذا لم يؤمنوا كان ذلك بتقليب الله قلوبهم وأبصارهم .

كما لم يؤمنوا به أول مرة ودخلت الكاف على محذوف ، أي فلا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أول مرة ; أي أول مرة أتتهم الآيات التي عجزوا عن معارضتها مثل القرآن وغيره . وقيل : ونقلب أفئدة هؤلاء كي لا يؤمنوا ; كما لم تؤمن كفار الأمم السالفة لما رأوا ما اقترحوا من الآيات . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ; أي أنها إذا جاءت لا يؤمنون كما لم يؤمنوا أول مرة ونقلب أفئدتهم وأبصارهم .

ونذرهم في طغيانهم يعمهون يتحيرون . وقد مضى في " البقرة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية