الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ميمونة أم المؤمنين ( ع )

                                                                                      بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة ، الهلالية .

                                                                                      زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخت أم الفضل زوجة العباس ، وخالة خالد بن الوليد ، وخالة ابن عباس . [ ص: 239 ]

                                                                                      تزوجها - أولا - مسعود بن عمرو الثقفي قبيل الإسلام ، ففارقها . وتزوجها أبو رهم بن عبد العزى ، فمات ، فتزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم في وقت فراغه من عمرة القضاء سنة سبع في ذي القعدة ، وبنى بها بسرف - أظنه المكان المعروف بأبي عروة . وكانت من سادات النساء . روت عدة أحاديث .

                                                                                      حدث عنها ابن عباس ، وابن أختها الآخر : عبد الله بن شداد بن الهاد ، وعبيد بن السباق ، [ وعبد الرحمن بن السائب الهلالي ] وابن أختها الرابع : يزيد بن الأصم ، وكريب مولى ابن عباس ، ومولاها سليمان بن يسار ، وأخوه : عطاء بن يسار . وآخرون .

                                                                                      قال ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر : حدثني إبراهيم بن محمد بن موسى ، عن الفضيل بن أبي عبد الله ، عن علي بن عبد الله بن عباس ، قال : لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى مكة عام القضية بعث أوس بن خولي وأبا رافع إلى العباس ؛ فزوجه بميمونة ، فأضلا بعيريهما ؛ فأقاما أياما ببطن رابغ ، حتى أدركهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بقديد ، وقد ضما بعيريهما ، فسارا معه ، حتى قدم مكة ، فأرسل إلى العباس ، فذكر ذلك له ، وجعلت ميمونة أمرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كذا قال . وصوابه : إلى العباس فخطبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه . [ ص: 240 ]

                                                                                      ‎وروي عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنها جعلت أمرها لما خطبها النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس ؛ فزوجها .

                                                                                      مالك ، عن ربيعة ، عن سليمان بن يسار ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع ، ورجلا من الأنصار ، فزوجاه ميمونة ، قبل أن يخرج من المدينة .

                                                                                      قال عبد الكريم الجزري ، عن ميمون بن مهران : دخلت على صفية بنت شيبة ، عجوز كبيرة ، فسألتها : أتزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة ، وهو محرم ، قالت : لا ، والله لقد تزوجها وإنهما لحلالان .

                                                                                      أيوب ، عن يزيد بن الأصم ، قال : خطبها ، وهو حلال ، وبنى بها ، وهو حلال .

                                                                                      جرير بن حازم : حدثنا أبو فزارة ، عن يزيد بن الأصم ، عن أبي رافع أن رسول الله تزوج ميمونة حلالا ، وبنى بها حلالا بسرف .
                                                                                      [ ص: 241 ]

                                                                                      حماد بن زيد ، عن مطر الوراق عن ربيعة ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي رافع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا ، وكنت الرسول بينهما .

                                                                                      الواقدي : حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس ، قال : تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو حلال . هذا منكر . والواقدي متروك . والثابت عن ابن عباس خلافه ، فقال ابن جريج ، عن عطاء ، عنه : إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم .

                                                                                      وقال أيوب وهشام ، عن عكرمة ، عنه كذلك .

                                                                                      وقال عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عنه مثله .

                                                                                      وعمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء ، عنه نحوه .

                                                                                      فهذا متواتر عنه . [ ص: 242 ]

                                                                                      والأنصاري ، عن حبيب بن الشهيد : سمع ميمون بن مهران ، عنه مثله .

                                                                                      وروى زكريا بن أبي زائدة ، وعبد الله بن أبي السفر ، عن الشعبي : أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة ، وهو محرم .

                                                                                      جرير ، عن منصور ، عن مجاهد - مرسلا - مثله .

                                                                                      رباح بن أبي معروف ، عن عطاء ، عن ابن عباس - مرفوعا - مثله . وفيه : وكان ابن عباس لا يرى بذلك بأسا .

                                                                                      وبعض من رأى صحة خبر ابن عباس ، عد الجواز خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      وجود هذا الباب ابن سعد ، ثم قال : أخبرنا أبو نعيم : حدثنا جعفر بن برقان ، عن ميمون ، قال : كنت جالسا عند عطاء ، فجاءه رجل فقال : هل يتزوج المحرم ؟ قال : ما حرم الله النكاح منذ أحله ، فقلت : إن عمر بن عبد العزيز كتب إلي - وميمون يومئذ على الجزيرة - : أن سل يزيد بن الأصم : أكان تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تزوج ميمونة حلالا ، أو حراما ؟ .

                                                                                      فقال يزيد : تزوجها ، وهو حلال .

                                                                                      وكانت ميمونة خالة يزيد .

                                                                                      الواقدي : حدثنا ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن عكرمة : أن ميمونة [ ص: 243 ] وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      قال مجاهد : كان اسمها برة ، فسماها رسول الله : ميمونة .

                                                                                      وروى بكير بن الأشج ، عن عبيد الله الخولاني : أنه رأى ميمونة تصلي في درع سابغ ، لا إزار عليها .

                                                                                      حماد بن زيد ، عن أبي فزارة ، عن يزيد بن الأصم : أن ميمونة حلقت رأسها في إحرامها ، فماتت ، ورأسها محمم .

                                                                                      كثير بن هشام : حدثنا جعفر بن برقان : حدثنا يزيد بن الأصم ، قال : تلقيت عائشة ، وهي مقبلة من مكة ، أنا وابن أختها ولد لطلحة ، وقد كنا وقعنا في حائط بالمدينة فأصبنا منه فبلغها ذلك ؛ فأقبلت على ابن أختها تلومه ؛ ثم وعظتني موعظة بليغة ، ثم قالت : أما علمت أن الله ساقك حتى [ ص: 244 ] جعلك في بيت نبيه ؛ ذهبت والله ميمونة ، ورمي بحبلك على غاربك ! أما إنها كانت من أتقانا لله ، وأوصلنا للرحم .

                                                                                      وبه أنبأنا يزيد : أن ذا قرابة لميمونة دخل عليها ، فوجدت منه ريح شراب ، فقالت : لئن لم تخرج إلى المسلمين ، فيجلدوك ، لا تدخل علي أبدا .

                                                                                      إبراهيم بن عقبة ، عن كريب : بعثني ابن عباس أقود بعير ميمونة ، فلم أزل أسمعها تهل ، حتى رمت الجمرة .

                                                                                      أبو نعيم : حدثنا عقبة بن وهب : أخبرنا يزيد بن الأصم : رأيت ميمونة تحلق رأسها . [ ص: 245 ]

                                                                                      جرير بن حازم ، عن أبي فزارة ، عن يزيد بن الأصم ، قال : دفنا ميمونة بسرف في الظلة التي بنى بها فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كانت حلقت في الحج . نزلت في قبرها ، أنا وابن عباس .

                                                                                      وعن عطاء : توفيت ميمونة بسرف ، فخرجت مع ابن عباس إليها ، فقال : إذا رفعتم نعشها ، فلا تزلزلوها ، ولا تزعزعوها .

                                                                                      وقيل : توفيت بمكة ، فحملت على الأعناق بأمر ابن عباس إلى سرف ، وقال : ارفقوا بها ؛ فإنها أمكم .

                                                                                      قال الواقدي : ماتت في خلافة يزيد سنة إحدى وستين ولها ثمانون سنة .

                                                                                      قلت : لم تبق إلى هذا الوقت ، فقد ماتت قبل عائشة . وقد مر قول عائشة : ذهبت ميمونة . . .

                                                                                      وقال خليفة : توفيت سنة إحدى وخمسين رضي الله عنها .

                                                                                      روي لها سبعة أحاديث في " الصحيحين " ، وانفرد لها البخاري بحديث . ومسلم بخمسة . وجميع ما روت ثلاثة عشر حديثا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية