الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 433 ] القول في تأويل قوله ( قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون ( 59 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل ، يا محمد ، لأهل الكتاب من اليهود والنصارى : يا أهل الكتاب ، هل تكرهون منا أو تجدون علينا في شيء إذ تستهزئون بديننا ، وإذ أنتم إذا نادينا إلى الصلاة اتخذتم نداءنا ذلك هزوا ولعبا "إلا أن آمنا بالله " ، يقول : إلا أن صدقنا وأقررنا بالله فوحدناه ، وبما أنزل إلينا من عند الله من الكتاب ، وما أنزل إلى أنبياء الله من الكتب من قبل كتابنا " وأن أكثركم فاسقون " ، يقول : وإلا أن أكثركم مخالفون أمر الله ، خارجون عن طاعته ، تكذبون عليه .

والعرب تقول : "نقمت عليك كذا أنقم " وبه قرأه القرأة من أهل الحجاز والعراق وغيرهم و"نقمت أنقم " ، لغتان ، ولا نعلم قارئا قرأ بهما بمعنى وجدت وكرهت ، ومنه قول عبد الله بن قيس الرقيات :


ما نقموا من بني أمية إلا أنهم يحلمون إن غضبوا



[ ص: 434 ] وقد ذكر أن هذه الآية نزلت بسبب قوم من اليهود .

ذكر من قال ذلك :

12219 - حدثنا هناد بن السري قال ، حدثنا يونس بن بكير قال ، حدثنا محمد بن إسحاق ، قال ، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال ، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من اليهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ، ورافع بن أبي رافع ، وعازر ، وزيد ، وخالد ، وأزار بن أبي أزار ، وأشيع ، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؟ قال : أومن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون . فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا : لا نؤمن بمن آمن به ! فأنزل الله فيهم : " قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون " .

[ ص: 435 ] عطفا بها على"أن " التي في قوله : "إلا أن آمنا بالله " ، لأن معنى الكلام : هل تنقمون منا إلا إيماننا بالله وفسقكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية