الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة :

                                                                                                                                                                                                              بينا أن الله سبحانه لما بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحجة دعا قومه إلى الله دعاء دائما عشرة أعوام ، لإقامة حجة الله سبحانه ، ووفاء بوعده الذي امتن به بفضله في قوله : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } ، واستمر الناس في الطغيان ، وما استدلوا بواضح البرهان ، وحين أعذر الله بذلك إلى الخلق ، وأبوا عن الصدق أمر رسوله بالقتال ، ليستخرج الإقرار بالحق منهم بالسيف .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة :

                                                                                                                                                                                                              قرئ يقاتلون بكسر التاء وفتحها ، فإن كسرت التاء كان خبرا عن فعل المأذون لهم ، وإن فتحتها كان خبرا عن فعل غيرهم بهم ، وإن الإذن وقع من أجل ذلك لهم ، ففي فتح التاء بيان سبب القتال ، وقد كان الكفار يتعمدون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالإذاية ، ويعاملونهم بالنكاية : لقد خنقه المشركون حتى كادت نفسه تذهب ، فتداركه أبو بكر ، وقال : { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله } وقد بلغ بأصحابه إلى الموت ; فقد قتل أبو جهل سمية أم عمار بن ياسر . وقد عذب بلال ، وما بعد هذا إلا الانتصار بالقتال .

                                                                                                                                                                                                              والأقوى عندي قراءة كسر التاء ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقوع العفو والصفح عما [ ص: 301 ] فعلوا أذن الله له في القتال عند استقراره بالمدينة ، فأخرج البعوث ، ثم خرج بنفسه ، حتى أظهره الله يوم بدر ، وذلك قوله : { وإن الله على نصرهم لقدير } . .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية