الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو حذيفة

                                                                                      السيد الكبير الشهيد أبو حذيفة ابن شيخ الجاهلية عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي العبشمي البدري . [ ص: 165 ]

                                                                                      أحد السابقين واسمه مهشم فيما قيل . أسلم قبل دخولهم دار الأرقم ، وهاجر إلى الحبشة مرتين . وولد له بها محمد بن أبي حذيفة ، ذاك الثائر على عثمان بن عفان ، ولدته له سهلة بنت سهيل بن عمرو ، وهي المستحاضة . وقد تزوج بها عبد الرحمن بن عوف ، وهي التي أرضعت سالما ، وهو كبير ، لتظهر عليه . وخصا بذاك الحكم عند جمهور العلماء .

                                                                                      وعن أبي الزناد أن أبا حذيفة بن عتبة دعا يوم بدر أباه إلى البراز ، فقالت أخته أم معاوية هند بنت عتبة : [ ص: 166 ]

                                                                                      الأحول الأثعل المذموم طائره أبو حذيفة شر الناس في الدين     أما شكرت أبا رباك من صغر
                                                                                      حتى شببت شبابا غير محجون

                                                                                      قال : وكان أبو حذيفة طويلا ، حسن الوجه ، مرادف الأسنان ، وهو الأثعل .

                                                                                      استشهد أبو حذيفة - رضي الله عنه - يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة هو ومولاه سالم .

                                                                                      وتأخر إسلام أخيه أبي هاشم بن عتبة ، فأسلم يوم الفتح وحسن إسلامه ، وجاهد ، وسكن الشام . وكان صالحا ، دينا ، له رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه . مات في خلافة عثمان ، وهو أخو الشهيد مصعب بن عمير لأمه ، وخال الخليفة معاوية .

                                                                                      روى منصور بن المعتمر ، عن أبي وائل ، حدثنا سمرة بن سهم ، قال : قدمت على أبي هاشم بن عتبة ، وهو طعين ، فدخل عليه معاوية يعوده ، فبكى ، فقال : ما يبكيك يا خال ؟ أوجع أو حرص على الدنيا ؟ قال : كلا لا ، ولكن عهد إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهدا لم آخذ به . قال لي : " يا أبا هاشم ! لعلك أن تدرك أموالا تقسم بين أقوام ، وإنما يكفيك من جمع الدنيا خادم ، ومركب في سبيل الله " . وقد وجدت وجمعت .

                                                                                      [ ص: 167 ] وفي رواية مرسلة : فيا ليتها بعرا محيلا .

                                                                                      قيل : عاش أبو حذيفة ثلاثا وخمسين سنة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية