الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 352 ] [ ص: 353 ] [ ص: 354 ] [ ص: 355 ] سورة الانفطار

                                                                                                                                                                                                                                      مكية

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      ( إذا السماء انفطرت ( 1 ) وإذا الكواكب انتثرت ( 2 ) وإذا البحار فجرت ( 3 ) وإذا القبور بعثرت ( 4 ) علمت نفس ما قدمت وأخرت ( 5 ) يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ( 6 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( إذا السماء انفطرت ) انشقت . ( وإذا الكواكب انتثرت ) تساقطت . ( وإذا البحار فجرت ) فجر بعضها في بعض واختلط العذب بالملح فصارت بحرا واحدا وقال الربيع : " فجرت " فاضت . ( وإذا القبور بعثرت ) بحثت وقلب ترابها وبعث ما فيها من الموتى أحياء يقال : بعثرت الحوض وبحثرته إذا قلبته فجعلت أسفله أعلاه . ( علمت نفس ما قدمت وأخرت ) قيل : " ما قدمت " من عمل صالح أو سيئ و " أخرت " من سنة حسنة أو سيئة . وقيل : " ما قدمت " من الصدقات و " أخرت " من التركات على ما ذكرنا في قوله : " ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر " ( القيامة - 13 ) . ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) ما خدعك وسول لك الباطل حتى أضعت ما وجب عليك . والمعنى : ماذا أمنك من [ عذابه ] قال عطاء : نزلت في الوليد بن المغيرة . [ ص: 356 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الكلبي ومقاتل : نزلت في الأسود بن شريق ضرب النبي فلم يعاقبه الله - عز وجل - فأنزل الله هذه الآية يقول : ما الذي غرك بربك الكريم المتجاوز عنك إذ لم يعاقبك عاجلا بكفرك ؟ قال قتادة : غره عدوه المسلط عليه يعني الشيطان قال مقاتل : غره عفو الله حين لم يعاقبه في أول [ مرة ] . وقال السدي : غره رفق الله به .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن مسعود : ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة . فيقول : يا ابن آدم ما غرك بي ؟ يا ابن آدم ماذا عملت فيما [ علمت ] ؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين ؟ .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل للفضيل بن عياض : لو أقامك الله يوم القيامة فقال : ما غرك بربك الكريم ماذا كنت تقول ؟ قال : أقول غرني ستورك المرخاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال يحيى بن معاذ : لو أقامني بين يديه فقال ما غرك بي ؟ [ فأقول ] غرني بك برك بي سالفا وآنفا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو بكر الوراق : لو قال لي : ما غرك بربك الكريم لقلت : غرني كرم الكريم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال بعض أهل الإشارة : إنما قال بربك الكريم دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الإجابة حتى يقول : غرني كرم الكريم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية