الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن وطئ رجلان امرأة بشبهة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ابنا لمن ثبت نسب المولود منه . وإن ألحق بهما كان المرتضع ابنا لهما ، وإن لم يلحق بواحد منهما ثبت التحريم بالرضاع في حقهما ، وإن ثاب لامرأة لبن من غير حمل تقدم لم ينشر الحرمة . نص عليه في لبن البكر ، وعنه : ينشرها . ذكرها ابن أبي موسى ، والظاهر أنه قول ابن حامد . ولا ينشر الحرمة غير لبن المرأة ، فلو ارتضع طفلان من بهيمة ، أو رجل ، أو خنثى مشكل لم ينشر الحرمة ، وقال ابن حامد : يوقف أمر الخنثى حتى يتبين أمرها .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن وطئ رجلان امرأة بشبهة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ابنا لمن ثبت نسب المولود منه ) لأن تحريم الرضاع [ ص: 164 ] فرع على ثبوت النسب ، وظاهره لا فرق بين أن يثبت بقائفة أو غيرها ، ذكره في " الشرح " واقتصر في " الفروع " على الأول ( وإن ألحق بهما ) قال في " الترغيب " وغيره ، أو مات ، ولم يثبت نسبه ( كان المرتضع ابنا لهما ) لأن المرتضع في كل موضع تبع للمناسب ، فمتى لحق المناسب بشخص ، فالمرتضع مثله ، وإن أشكل أمره ، فقيل : كنسب ، وقيل : هو لأحدهما مبهما ، فيحرم عليهما ، وجزم به في " المغني " فيما لم يثبت نسبه ( وإن لم يلحق بواحد منهما ثبت التحريم بالرضاع في حقهما ) تغليبا للحظر كما لو اختلطت أخته بأجنبيات ، وإن انتفى عنهما جميعا بأن تأتي به لدون ستة أشهر من وطئها ، أو لأكثر من أربع سنين من وطء الآخر انتفى المرتضع عنهما ، فإن كان المرتضع أنثى حرمت عليهما تحريم المصاهرة ، ويحرم أولادها عليهما أيضا لأنها ابنة موطوءتهما ( وإن ثاب لامرأة لبن من غير حمل تقدم ) قال جماعة : أو وطء ( لم ينشر الحرمة . نص عليه في لبن البكر ) وهو ظاهر المذهب ، وجزم به في " الوجيز " ; لأنه نادر لم تجر العادة به لتغذية الأطفال ، أشبه لبن الرجل ، والبهيمة ، وقال جماعة : لأنه ليس بلبن حقيقة ، بل رطوبة متولدة ; لأن اللبن ما أنشر العظم وأنبت اللحم ، وهذا ليس كذلك ( وعنه : ينشرها ذكرها ابن أبي موسى ، والظاهر أنه قول ابن حامد ) وصححه في " الشرح " ، وقاله أكثر العلماء لقوله تعالى : وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم [ النساء : 23 ] ولأنه لبن امرأة فتعلق به التحريم كما لو ثاب بوطء ، ولأن لبن المرأة خلق لغذاء الطفل ، وإن [ ص: 165 ] كان هذا نادرا ، فجنسه معتاد ( ولا ينشر الحرمة غير لبن المرأة ، فلو ارتضع طفلان من بهيمة ) لم ينشر الحرمة ، ولم يصيرا أخوين في قول عامتهم ; لأنه ليس بمنصوص عليه ، ولا هو في معناه ، وقال بعض السلف : يصيران أخوين . ورد بأن الأخوة فرع على الأمومة ، ولا تثبت الأمومة بهذا الرضاع ، فالأخوة أولى ، ولأنه لم يخلق لغذاء المولود الآدمي ، أشبه الطعام ( أو رجل ) فكذلك في قول الجمهور لما ذكرنا ، وقال الكرابيسي : يتعلق به التحريم ; لأنه لبن آدمي أشبه المرأة ( أو خنثى مشكل لم ينشر الحرمة ) على المذهب ; لأنه لم يثبت كونه امرأة ، فلا يثبت التحريم مع الشك ( وقال ابن حامد : يوقف أمر الخنثى حتى يتبين أمره ) فعلى هذا يثبت التحريم إلى أن يتبين كونه رجلا ; لأنه لا يؤمن كونه محرما كما لو اختلطت أخته بأجانب ، وقيل : إن حرم لبن بغير حمل ، ولا وطء ، ففي الخنثى المشكل وجهان ، وإن يئس من انكشاف حاله بموت ، أو غيره ، فالأصل الحل .




                                                                                                                          الخدمات العلمية