الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب يتصدق بجلود الهدي

                                                                                                                                                                                                        1630 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج قال أخبرني الحسن بن مسلم وعبد الكريم الجزري أن مجاهدا أخبرهما أن عبد الرحمن بن أبي ليلى أخبره أن عليا رضي الله عنه أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه وأن يقسم بدنه كلها لحومها وجلودها وجلالها ولا يعطي في جزارتها شيئا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب يتصدق بجلود الهدي ) أورد فيه حديث علي من رواية ابن جريج ، عن عبد الكريم الجزري وهو ابن مالك ، والحسن بن مسلم وهو المكي جميعا عن مجاهد ، وساقه بلفظ الحسن بن مسلم ، وأما لفظ عبد الكريم فقد أخرجه مسلم من طريق ابن أبي خيثمة زهير بن معاوية عنه نحوه وزاد : وقال نحن نعطيه من عندنا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأن يقسم بدنه ) بسكون الدال المهملة ويجوز ضمها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لحومها وجلودها وجلالها ) زاد ابن خزيمة من هذا الوجه في روايته " على المساكين " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولا يعطي في جزارتها شيئا ) زاد مسلم ، وابن خزيمة : ولا يعطي في جزارتها منها شيئا . قال ابن خزيمة : المراد بقوله " يقسمها كلها " على المساكين إلا ما أمر به من كل بدنة ببضعة فطبخت كما في حديث جابر يعني الطويل عند مسلم كما تقدم التنبيه عليه ، قال : والنهي عن إعطاء الجزار المراد به أن لا يعطى منها عن أجرته ، وكذا قال البغوي في : " شرح السنة " قال : وأما إذا أعطي أجرته كاملة ثم تصدق عليه إذا كان فقيرا كما يتصدق على الفقراء فلا بأس بذلك . وقال غيره : إعطاء الجزار على سبيل الأجرة [ ص: 651 ] ممنوع لكونه معاوضة وأما إعطاؤه صدقة أو هدية أو زيادة على حقه فالقياس الجواز ، ولكن إطلاق الشارع ذلك قد يفهم منه منع الصدقة لئلا تقع مسامحة في الأجرة لأجل ما يأخذه فيرجع إلى المعاوضة ، قال القرطبي : ولم يرخص في إعطاء الجزار منها في أجرته إلا الحسن البصري ، وعبد الله بن عبيد بن عمير . واستدل به على منع بيع الجلد ، قال القرطبي : فيه دليل على أن جلود الهدي وجلالها لا تباع لعطفها على اللحم وإعطائها حكمه ، وقد اتفقوا على أن لحمها لا يباع فكذلك الجلود والجلال ، وأجازه الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور وهو وجه عند الشافعية قالوا : ويصرف ثمنه مصرف الأضحية . واستدل أبو ثور على أنهم اتفقوا على جواز الانتفاع به ، وكل ما جاز الانتفاع به جاز بيعه ، وعورض باتفاقهم على جواز الأكل من لحم هدي التطوع ولا يلزم من جواز أكله جواز بيعه وسيأتي الكلام على الأكل منها في الباب الذي بعده ، وأقوى من ذلك في رد قوله ما أخرجه أحمد في حديث قتادة بن النعمان مرفوعا لا تبيعوا لحوم الأضاحي والهدي وتصدقوا وكلوا واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوا وإن أطعمتم من لحومها فكلوا إن شئتم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية