الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ روح ]

                                                          روح : الريح : نسيم الهواء ، وكذلك نسيم كل شيء ، وهي مؤنثة ، وفي التنزيل : كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم هو عند سيبويه فعل ، وهو عند أبي الحسن فعل وفعل . والريحة : طائفة من الريح عن سيبويه قال : وقد يجوز أن يدل الواحد على ما يدل عليه الجمع ، وحكى بعضهم : ريح وريحة مع كوكب وكوكبة وأشعر أنهما لغتان ، وجمع الريح أرواح ، وأراويح جمع الجمع ، وقد حكيت أرياح وأرايح ، وكلاهما شاذ ، وأنكر أبو حاتم على عمارة بن عقيل جمعه الريح على أرياح ، قال : فقلت له فيه : إنما هو أرواح ، فقال : قد قال الله تبارك وتعالى : وأرسلنا الرياح وإنما الأرواح جمع روح ، قال : فعلمت بذلك أنه ليس ممن يؤخذ عنه . التهذيب : الريح ياؤها واو صيرت ياء ; لانكسار ما قبلها ، وتصغيرها رويحة ، وجمعها رياح وأرواح . قال الجوهري : الريح واحدة الرياح ، وقد تجمع على أرواح ; لأن أصلها الواو ، وإنما جاءت بالياء ; لانكسار ما قبلها ، وإذا رجعوا إلى الفتح عادت إلى الواو ، كقولك : أروح الماء وتروحت بالمروحة ، ويقال : ريح وريحة كما قالوا : دار ودارة . وفي الحديث : هبت أرواح النصر ؛ الأرواح جمع ريح . ويقال : الريح لآل فلان أي : النصر والدولة ، وكان لفلان ريح . وفي الحديث : كان يقول إذا هاجت الريح : اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا ، العرب تقول : لا تلقح السحاب إلا من رياح مختلفة ، يريد : اجعلها لقاحا للسحاب ولا تجعلها عذابا ، ويحقق ذلك مجيء الجمع في آيات الرحمة ، والواحد في قصص العذاب : كالريح العقيم ، وريحا صرصرا . وفي الحديث : الريح من روح الله أي : من رحمته بعباده . ويوم راح : شديد الريح ، يجوز أن يكون فاعلا ذهبت عينه ، وأن يكون فعلا ؛ وليلة راحة . وقد راح يراح ريحا إذا اشتدت ريحه . وفي الحديث : أن رجلا حضره الموت ، فقال لأولاده : أحرقوني ثم انظروا يوما راحا فأذروني فيه ؛ يوم راح أي : ذو ريح كقولهم : رجل مال . وريح الغدير وغيره ، على ما لم يسم فاعله : أصابته الريح ، فهو مروح قال منظور بن مرثد الأسدي يصف رمادا :


                                                          هل تعرف الدار بأعلى ذي القور ؟ قد درست غير رماد مكفور     مكتئب اللون مروح ممطور



                                                          القور : جبيلات صغار ، واحدها قارة . والمكفور : الذي سفت عليه الريح التراب ، ومريح أيضا ، وقال يصف الدمع :


                                                          كأنه غصن مريح ممطور



                                                          مثل مشوب ومشيب بني على شيب . وغصن مريح ومروح : أصابته الريح ، وكذلك مكان مريح ومروح ، وشجرة مروحة ومريحة صفقتها الريح فألقت ورقها . وراحت الريح الشيء : أصابته ، قال أبو ذؤيب يصف ثورا :


                                                          ويعوذ بالأرطى إذا ما شفه     قطر وراحته بليل زعزع



                                                          وراح الشجر : وجد الريح وأحسها ، حكاه أبو حنيفة ، وأنشد :


                                                          تعوج إذا ما أقبلت نحو ملعب     كما انعاج غصن البان راح الجنائبا



                                                          ويقال : ريحت الشجرة ، فهي مروحة : وشجرة مروحة إذا هبت بها الريح ، مروحة كانت في الأصل مريوحة . وريح القوم وأراحوا : دخلوا في الريح ، وقيل : أراحوا دخلوا في الريح ، وريحوا : أصابتهم الريح فجاحتهم . والمروحة بالفتح : المفازة وهي الموضع الذي تخترقه الريح ، قال :


                                                          كأن راكبها غصن بمروحة     إذا تدلت به أو شارب ثمل



                                                          والجمع المراويح ، قال ابن بري : البيت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وقيل : إنه تمثل به ، وهو لغيره قاله وقد ركب راحلته في بعض المفاوز فأسرعت ؛ يقول : كأن راكب هذه الناقة لسرعتها غصن بموضع تخترق فيه الريح ، كالغصن لا يزال يتمايل يمينا وشمالا ، فشبه راكبها بغصن هذه حاله أو شارب ثمل يتمايل من شدة سكره ، وقوله إذا تدلت به أي : إذا هبطت به من نشز إلى مطمئن ، ويقال إن هذا البيت قديم . وراح ريح الروضة يراحها ، وأراح يريح إذا وجد ريحها ، وقال الهذلي :


                                                          وماء وردت على زورة     كمشي السبنتى يراح الشفيفا



                                                          الجوهري : راح الشيء يراحه ويريحه إذا وجد ريحه ، وأنشد البيت " وماء وردت " قال ابن بري : هو لصخر الغي ، والزورة هاهنا : البعد ، وقيل : انحراف عن الطريق . والشفيف : لذع البرد . والسبنتى : النمر . والمروحة : بكسر الميم : التي يتروح بها ، كسرت ; لأنها آلة . وقال اللحياني : هي المروح ، والجمع المراوح ، وفي الحديث : فقد رأيتهم يتروحون في الضحى ، أي احتاجوا إلى الترويح من الحر بالمروحة ، أو يكون من الرواح : العود إلى بيوتهم أو من طلب الراحة . والمروح والمرواح : الذي يذرى به الطعام في الريح . ويقال : فلان بمروحة أي : بممر الريح . وقالوا : فلان يميل مع كل ريح على المثل ؛ وفي حديث علي : ورعاع الهمج يميلون مع كل ريح . واستروح الغصن : اهتز بالريح . ويوم ريح وروح وريوح : طيب الريح ، ومكان ريح أيضا ، وعشية ريحة وروحة ، كذلك . الليث : يوم ريح ويوم راح : ذو ريح شديدة ، قال : وهو كقولك كبش صاف ، والأصل يوم رائح وكبش صائف ، فقلبوا ، وكما خففوا الحائجة ، فقالوا حاجة ، ويقال : قالوا صاف وراح على صوف [ ص: 254 ] وروح ، فلما خففوا استنامت الفتحة قبلها فصارت ألفا . ويوم ريح : طيب ، وليلة ريحة . ويوم راح إذا اشتدت ريحه . وقد راح ، وهو يروح رءوحا وبعضهم يراح ، فإذا كان اليوم ريحا طيبا ، قيل : يوم ريح وليلة ريحة ، وقد راح ، وهو يروح روحا . والروح : برد نسيم الريح وفي حديث عائشة رضي الله عنها : كان الناس يسكنون العالية فيحضرون الجمعة وبهم وسخ ، فإذا أصابهم الروح سطعت أرواحهم فيتأذى به الناس ، فأمروا بالغسل ؛ الروح ، بالفتح : نسيم الريح ، كانوا إذا مر عليهم النسيم تكيف بأرواحهم ، وحملها إلى الناس . وقد يكون الريح بمعنى الغلبة والقوة ، قال تأبط شرا ، وقيل : سليك بن سلكة :


                                                          أتنظران قليلا ريث غفلتهم     أو تعدوان فإن الريح للعادي



                                                          ومنه قوله تعالى : وتذهب ريحكم قال ابن بري : وقيل الشعر لأعشى فهم ، من قصيدة أولها :


                                                          يا دار بين غبارات وأكباد     أقوت ومر عليها عهد آباد
                                                          جرت عليها رياح الصيف أذيلها     وصوب المزن فيها بعد إصعاد



                                                          وأراح الشيء إذا وجد ريحه . والرائحة : النسيم طيبا كان أو نتنا . والرائحة : ريح طيبة تجدها في النسيم ، تقول لهذه البقلة رائحة طيبة . ووجدت ريح الشيء ورائحته ، بمعنى . ورحت رائحة طيبة أو خبيثة أراحها وأريحها وأرحتها وأروحتها : وجدتها . وفي الحديث : من أعان على مؤمن أو قتل مؤمنا لم يرح رائحة الجنة ، من أرحت ، ولم يرح رائحة الجنة ، من رحت أراح ، ولم يرح تجعله من راح الشيء يريحه . وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم : من قتل نفسا معاهدة لم يرح رائحة الجنة أي : لم يشم ريحها ، قال أبو عمرو : هو من رحت الشيء أريحه إذا وجدت ريحه ؛ وقال الكسائي : إنما هو لم يرح رائحة الجنة من أرحت الشيء فأنا أريحه إذا وجدت ريحه ، والمعنى واحد ، وقال الأصمعي : لا أدري هو من رحت أو من أرحت ، وقال اللحياني : أروح السبع الريح وأراحها واستروحها واستراحها : وجدها ، قال : وبعضهم يقول : راحها بغير ألف ، وهي قليلة . واستروح الفحل واستراح : وجد ريح الأنثى . وراح الفرس يراح راحة إذا تحصن أي : صار فحلا ، أبو زيد : راحت الإبل تراح رائحة ، وأرحتها أنا . قال الأزهري : قوله تراح رائحة مصدر على فاعلة ، قال : وكذلك سمعته من العرب ، ويقولون : سمعت راغية الإبل وثاغية الشاء أي : رغاءها وثغاءها ، والدهن المروح : المطيب ، ودهن مطيب مروح الرائحة ، وروح دهنك بشيء تجعل فيه طيبا ، وذريرة مروحة : مطيبة ، كذلك ؛ وفي الحديث : أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم ، وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يكتحل المحرم بالإثمد المروح ، قال أبو عبيد : المروح المطيب بالمسك كأنه جعل له رائحة تفوح بعد أن لم تكن له رائحة ، وقال : مروح بالواو ; لأن الياء في الريح واو ; ومنه قيل : تروحت بالمروحة . وأروح اللحم : تغيرت رائحته ، وكذلك الماء ، وقال اللحياني وغيره : أخذت فيه الريح وتغير . وفي حديث قتادة : سئل عن الماء الذي قد أروح ، أيتوضأ منه ؟ فقال : لا بأس . يقال : أروح الماء وأراح إذا تغيرت ريحه ، وأراح اللحم أي : أنتن . وأروحني الضب : وجد ريحي ، وكذلك أروحني الرجل . ويقال أراحني الصيد إذا وجد ريح الإنسي . وفي التهذيب : أروحني الصيد ، إذا وجد ريحك ؛ وفيه : وأروح الصيد واستروح واستراح ، إذا وجد ريح الإنسان ، قال أبو زيد : أروحني الصيد والضب إرواحا ، وأنشاني إنشاء ، إذا وجد ريحك ونشوتك ، وكذلك أروحت من فلان طيبا ، وأنشيت منه نشوة . والاسترواح : التشمم . الأزهري ، قال أبو زيد : سمعت رجلا من قيس وآخر من تميم يقولان : قعدنا في الظل نلتمس الراحة ؛ والرويحة والراحة بمعنى واحد . وراح يراح روحا : برد وطاب ، وقيل : يوم رائح ، وليلة رائحة طيبة الريح ؛ يقال : راح يومنا يراح روحا إذا طابت ريحه ، ويوم ريح ، قال جرير :


                                                          محا طللا بين المنيفة والنقا     صبا راحة أو ذو حبيين رائح



                                                          وقال الفراء : مكان راح ويوم راح ؛ يقال : افتح الباب حتى يراح البيت أي : حتى يدخله الريح ، وقال :


                                                          كأن عيني والفراق محذور     غصن من الطرفاء راح ممطور



                                                          والريحان : كل بقل طيب الريح ، واحدته ريحانة ، وقال :


                                                          بريحانة من بطن حلية نورت     لها أرج ما حولها غير مسنت



                                                          والجمع رياحين ؛ وقيل : الريحان أطراف كل بقلة طيبة الريح إذا خرج عليها أوائل النور ، وفي الحديث : إذا أعطي أحدكم الريحان فلا يرده ، هو كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم . والريحانة : الطاقة من الريحان ، الأزهري : الريحان اسم جامع للرياحين الطيبة الريح ، والطاقة الواحدة : ريحانة . أبو عبيد : إذا طال النبت قيل : قد تروحت البقول ، فهي متروحة . والريحانة : اسم للحنوة كالعلم . والريحان : الرزق على التشبيه بما تقدم . وقوله تعالى : فروح وريحان أي : رحمة ورزق ، وقال الزجاج : معناه فاستراحة وبرد ، هذا تفسير الروح دون الريحان ، وقال الأزهري في موضع آخر : قوله فروح وريحان معناه فاستراحة وبرد وريحان ورزق ، قال : وجائز أن يكون ريحان هنا تحية لأهل الجنة ، قال : وأجمع النحويون أن ريحانا في اللغة من ذوات الواو والأصل ريوحان فقلبت الواو ياء وأدغمت فيها الياء الأولى فصارت الريحان ، ثم خفف كما قالوا : ميت وميت ولا يجوز في الريحان التشديد إلا على بعد ; لأنه قد زيد فيه ألف ونون فخفف بحذف الياء وألزم التخفيف ، وقال ابن سيده : أصل ذلك ريوحان ، قلبت الواو ياء لمجاورتها الياء ، ثم أدغمت ثم خففت على حد ميت ولم يستعمل مشددا لمكان الزيادة كأن الزيادة عوض من التشديد فعلانا على المعاقبة لا يجيء إلا بعد استعمال [ ص: 255 ] الأصل ، ولم يسمع روحان : التهذيب : وقوله تعالى : فروح وريحان على قراءة من ضم الراء ، تفسيره : فحياة دائمة لا موت معها ، ومن قال فروح فمعناه : فاستراحة ، وأما قوله ( تعالى ) : وأيدهم بروح منه فمعناه : برحمة منه قال : كذلك قال المفسرون ؛ قال : وقد يكون الروح بمعنى الرحمة ؛ قال الله تعالى : ( لا تيأسوا من روح الله ) سماها روحا ، لأن الروح والراحة بها ؛ قال الأزهري : وكذلك قوله في عيسى : وروح منه أي : رحمة منه ، تعالى ذكره . والعرب تقول : سبحان الله وريحانه ، قال أهل اللغة : معناه واسترزاقه ، وهو عند سيبويه من الأسماء الموضوعة موضع المصادر ، تقول : خرجت أبتغي ريحان الله ، قال النمر بن تولب :


                                                          سلام الإله وريحانه     ورحمته وسماء درر
                                                          غمام ينزل رزق العباد     فأحيا البلاد وطاب الشجر



                                                          قال : ومعنى قوله : وريحانه : ورزقه ، قال الأزهري : قاله أبو عبيدة وغيره ; قال : وقيل : الريحان هاهنا هو الريحان الذي يشم . قال الجوهري : سبحان الله وريحانه نصبوهما على المصدر ، يريدون تنزيها له واسترزاقا . وفي الحديث : الولد من ريحان الله . وفي الحديث : إنكم لتبخلون وتجهلون وتجبنون ، وإنكم لمن ريحان الله ، يعني الأولاد . والريحان يطلق على الرحمة والرزق والراحة ، وبالرزق سمي الولد ريحانا . وفي الحديث : قال لعلي رضي الله عنه : أوصيك بريحانتي خيرا قبل أن ينهد ركناك ، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هذا أحد الركنين ، فلما ماتت فاطمة ، قال : هذا الركن الآخر ، وأراد بريحانتيه الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما . وقوله تعالى : والحب ذو العصف والريحان قيل : هو الورق ، وقال الفراء : ذو الورق والرزق ، وقال الفراء : العصف ساق الزرع ، والريحان ورقه . وراح منك معروفا وأروح ; قال : والرواح والراحة والمرايحة والرويحة والرواحة : وجدانك الفرجة بعد الكربة . والروح أيضا : السرور والفرح واستعاره علي رضي الله عنه لليقين فقال : فباشروا روح اليقين ، قال ابن سيده : وعندي أنه أراد الفرحة والسرور اللذين يحدثان من اليقين . التهذيب ، عن الأصمعي : الروح الاستراحة من غم القلب ، وقال أبو عمرو : الروح الفرح والروح : برد نسيم الريح . الأصمعي : يقال :

                                                          فلان يراح للمعروف إذا أخذته أريحية وخفة . والروح بالضم في كلام العرب : النفخ سمي روحا ; لأنه ريح يخرج من الروح ، ومنه قول ذي الرمة في نار اقتدحها وأمر صاحبه بالنفخ فيها ، فقال :


                                                          فقلت له ارفعها إليك وأحيها     بروحك واجعله لها قيتة قدرا



                                                          أي : أحيها بنفخك واجعله لها ، الهاء للروح ، لأنه مذكر في قوله : واجعله ، والهاء التي في لها للنار ; لأنها مؤنثة . الأزهري عن ابن الأعرابي قال : يقال : خرج روحه ، والروح مذكر . والأريحي : الرجل الواسع الخلق النشيط إلى المعروف يرتاح لما طلبت ويراح قلبه سرورا . والأريحي : الذي يرتاح للندى . وقال الليث : يقال لكل شيء واسع أريح ، وأنشد :


                                                          ومحمل أريح جحاحي



                                                          قال : وبعضهم يقول : ومحمل أروح ، ولو كان كذلك لكان قد ذمه ; لأن الروح الانبطاح ، وهو عيب في المحمل . قال : والأريحي مأخوذ من راح يراح ، كما يقال للصلت المنصلت : أصلتي ، وللمجتنب : أجنبي ، والعرب تحمل كثيرا من النعت على أفعلي فيصير كأنه نسبة . قال الأزهري : وكلام العرب تقول : رجل أجنب وجانب وجنب ، ولا تكاد تقول أجنبي . ورجل أريحي : مهتز للندى والمعروف والعطية واسع الخلق ، والاسم الأريحية والتريح عن اللحياني ، قال ابن سيده : وعندي أن التريح مصدر تريح وسنذكره ، وفي شعر النابغة الجعدي يمدح ابن الزبير :


                                                          حكيت لنا الصديق لما وليتنا     وعثمان والفاروق فارتاح معدم



                                                          أي : سمحت نفس المعدم وسهل عليه البذل . يقال : رحت للمعروف أراح ريحا وارتحت أرتاح ارتياحا إذا ملت إليه وأحببته ، ومنه قولهم : أريحي إذا كان سخيا يرتاح للندى . وراح لذلك الأمر يراح رواحا ورءوحا ، وراحا وراحة وأريحية ورياحة : أشرق له وفرح به وأخذته له خفة وأريحية ؛ قال الشاعر :


                                                          إن البخيل إذا سألت بهرته     وترى الكريم يراح كالمختال



                                                          وقد يستعار للكلاب وغيرها ، أنشد اللحياني :


                                                          خوص تراح إلى الصياح إذا غدت     فعل الضراء تراح للكلاب



                                                          ويقال : أخذته الأريحية إذا ارتاح للندى . وراحت يده بكذا أي : خفت له . وراحت يده بالسيف أي : خفت إلى الضرب به ، قال أمية بن أبي عائذ الهذلي يصف صائدا :


                                                          تراح يداه بمحشورة     خواظي القداح عجاف النصال



                                                          أراد بالمحشورة نبلا ، للطف قدها لأنه أسرع لها في الرمي عن القوس . والخواظي : الغلاظ القصار . وأراد بقوله : عجاف النصال : أنها أرقت . الليث : راح الإنسان إلى الشيء يراح إذا نشط وسر به وكذلك ارتاح ، وأنشد :


                                                          وزعمت أنك لا تراح إلى النسا     وسمعت قيل الكاشح المتردد



                                                          والرياحة : أن يراح الإنسان إلى الشيء فيستروح وينشط إليه . والارتياح : النشاط . وارتاح للأمر : كراح ونزلت به بلية فارتاح الله له برحمة فأنقذه منها ; قال رؤبة :


                                                          فارتاح ربي وأراد رحمتي     ونعمة أتمها فتمت



                                                          [ ص: 256 ] أراد : فارتاح ، نظر إلي ورحمني . قال الأزهري : قول رؤبة في فعل الخالق قاله بأعرابيته ، قال : ونحن نستوحش من مثل هذا اللفظ ؛ لأن الله تعالى إنما يوصف بما وصف به نفسه ، ولولا أن الله ، تعالى ذكره ، هدانا بفضله لتمجيده وحمده بصفاته التي أنزلها في كتابه ، ما كنا لنهتدي لها أو نجترئ عليها ؛ قال ابن سيده : فأما الفارسي فجعل هذا البيت من جفاء الأعراب ، كما قال :


                                                          لا هم إن كنت الذي كعهدي     ولم تغيرك السنون بعدي



                                                          وكما قال سالم بن دارة :


                                                          يا فقعسي لم أكلته لمه ؟     لو خافك الله عليه حرمه
                                                          فما أكلت لحمه ولا دمه



                                                          والراح : الخمر ، اسم لها . والراح : جمع راحة ، وهي الكف . والراح : الارتياح ، قال الجميح بن الطماح الأسدي :


                                                          ولقيت ما لقيت معد كلها     وفقدت راحي في الشباب وخالي



                                                          والخال : الاختيال والخيلاء ، فقوله : وخالي أي : واختيالي . والراحة : ضد التعب . واستراح الرجل ، من الراحة . والرواح والراحة من الاستراحة . وأراح الرجل والبعير وغيرهما ، وقد أراحني ، وروح عني فاسترحت ، ويقال : ما لفلان في هذا الأمر من رواح أي : من راحة ، ووجدت لذلك الأمر راحة أي خفة ، وأصبح بعيرك مريحا أي مفيقا ، وأنشد ابن السكيت :


                                                          أراح بعد النفس المحفوز     إراحة الجداية النفوز



                                                          الليث : الراحة وجدانك روحا بعد مشقة ، تقول : أرحني إراحة فأستريح ، وقال غيره : أراحه إراحة وراحة ، فالإراحة المصدر ، والراحة الاسم ، كقولك أطعته إطاعة وطاعة وأعرته إعارة وعارة . وفي الحديث : قال النبي صلى الله عليه وسلم لمؤذنه بلال : أرحنا بها أي أذن للصلاة فنستريح بأدائها من اشتغال قلوبنا بها ، قال ابن الأثير : وقيل : كان اشتغاله بالصلاة راحة له ، فإنه كان يعد غيرها من الأعمال الدنيوية تعبا ، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى ; ولهذا قال : وقرة عيني في الصلاة ، قال : وما أقرب الراحة من قرة العين . يقال : أراح الرجل واستراح إذا رجعت إليه نفسه بعد الإعياء ؛ قال : ومنه حديث أم أيمن أنها عطشت مهاجرة في يوم شديد الحر فدلي إليها دلو من السماء فشربت حتى أراحت . وقال اللحياني : أراح الرجل استراح ورجعت إليه نفسه بعد الإعياء ، وكذلك الدابة ، وأنشد :


                                                          تريح بعد النفس المحفوز



                                                          أي : تستريح . وأراح : دخل في الريح . وأراح إذا وجد نسيم الريح . وأراح إذا دخل في الرواح . وأراح إذا نزل عن بعيره ليريحه ويخفف عنه . وأراحه الله فاستراح ، وأراح تنفس ؛ وقال امرؤ القيس يصف فرسا بسعة المنخرين :


                                                          لها منخر كوجار السباع     فمنه تريح إذا تنبهر

                                                          وأراح الرجل : مات كأنه استراح ، قال العجاج :


                                                          أراح بعد الغم والتغمغم



                                                          وفي حديث الأسود بن يزيد : إن الجمل الأحمر ليريح فيه من الحر ، الإراحة هاهنا : الموت والهلاك ، ويروى بالنون ، وقد تقدم . والترويحة في شهر رمضان : سميت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أربع ركعات ، وفي الحديث : صلاة التراويح ; لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين . والتراويح : جمع ترويحة ، وهي المرة الواحدة من الراحة ، تفعيلة منها ، مثل تسليمة من السلام . والراحة : العرس ; لأنها يستراح إليها . وراحة البيت : ساحته . وراحة الثوب : طيه . ابن شميل : الراحة من الأرض : المستوية فيها ظهور واستواء تنبت كثيرا ، جلد من الأرض ، وفي أماكن منها سهول وجراثيم ، وليست من السيل في شيء ولا الوادي ، وجمعها الراح ، كثيرة النبت . أبو عبيد : يقال : أتانا فلان وما في وجهه رائحة دم من الفرق ، وما في وجهه رائحة دم أي شيء . والمطر يستروح الشجر أي : يحييه ، قال :


                                                          يستروح العلم من أمسى له بصر     وكان حيا كما يستروح المطر



                                                          والروح : الرحمة ، وفي الحديث عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب ، فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا من خيرها ، واستعيذوا بالله من شرها ، وقوله : من روح الله أي : من رحمة الله ، وهي رحمة لقوم وإن كان فيها عذاب لآخرين . وفي التنزيل : ولا تيأسوا من روح الله أي : من رحمة الله ، والجمع أرواح . والروح : النفس ، يذكر ويؤنث والجمع الأرواح . التهذيب : قال أبو بكر بن الأنباري : الروح والنفس واحد ، غير أن الروح مذكر ، والنفس مؤنثة عند العرب . وفي التنزيل : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وتأويل الروح أنه ما به حياة النفس . وروى الأزهري بسنده عن ابن عباس في قوله ( عز وجل ) : ويسألونك عن الروح قال : إن الروح قد نزل في القرآن بمنازل ، ولكن قولوا كما قال الله عز وجل : قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن اليهود سألوه عن الروح فأنزل الله تعالى هذه الآية . وروي عن الفراء : أنه قال في قوله ( عز وجل ) : قل الروح من أمر ربي قال : من علم ربي أي : أنكم لا تعلمونه ، قال الفراء : والروح هو الذي يعيش به الإنسان ، لم يخبر الله تعالى به أحدا من خلقه ، ولم يعط علمه العباد . قال : وقوله عز وجل : ونفخت فيه من روحي فهذا الذي نفخه في آدم وفينا لم يعط علمه أحدا من عباده قال : وسمعت أبا الهيثم يقول : الروح إنما هو النفس الذي يتنفسه الإنسان ، وهو جار في جميع الجسد ، فإذا خرج لم يتنفس بعد خروجه ، فإذا تتام خروجه بقي بصره شاخصا نحوه ، حتى يغمض ، وهو بالفارسية " جان " قال : وقول الله عز وجل في قصة مريم عليها السلام : فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا [ ص: 257 ] قال : أضاف الروح المرسل إلى مريم إلى نفسه كما تقول : أرض الله وسماؤه ، قال : وهكذا قوله تعالى للملائكة : فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ومثله : وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والروح في هذا كله خلق من خلق الله لم يعط علمه أحدا ، وقوله تعالى : يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده قال الزجاج : جاء في التفسير أن الروح الوحي أو أمر النبوة ، ويسمى القرآن روحا . ابن الأعرابي : الروح الفرح . والروح : القرآن . والروح : الأمر . والروح : النفس . قال أبو العباس : وقوله - عز وجل - : يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده و ينزل الملائكة بالروح من أمره قال أبو العباس : هذا كله معناه الوحي ، سمي روحا لأنه حياة من موت الكفر ، فصار بحياته للناس كالروح الذي يحيا به جسد الإنسان ، قال ابن الأثير : وقد تكرر ذكر الروح في الحديث كما تكرر في القرآن ، ووردت فيه على معان ، والغالب منها أن المراد بالروح الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة ، وقد أطلق على القرآن والوحي والرحمة ، وعلى جبريل في قوله : الروح الأمين قال : وروح القدس يذكر ويؤنث . وفي الحديث : تحابوا بذكر الله وروحه ، أراد ما يحيا به الخلق ويهتدون فيكون حياة لكم ، وقيل : أراد أمر النبوة ، وقيل : هو القرآن . وقوله تعالى : يوم يقوم الروح والملائكة صفا قال الزجاج : الروح خلق كالإنس وليس هو بالإنس ، وقال ابن عباس : هو ملك في السماء السابعة ، وجهه على صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة ، وجاء في التفسير : أن الروح هاهنا جبريل ، وروح الله : حكمه وأمره . والروح : جبريل عليه السلام . وروى الأزهري عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال في قول الله تعالى : وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا قال : هو ما نزل به جبريل من الدين فصار تحيا به الناس أي : يعيش به الناس ، قال : وكل ما كان في القرآن فعلنا ، فهو أمره بأعوانه ، أمر جبريل وميكائيل وملائكته ، وما كان فعلت ، فهو ما تفرد به ، وأما قوله : وأيدناه بروح القدس فهو جبريل - عليه السلام - . والروح : عيسى - عليه السلام - . والروح : حفظة على الملائكة الحفظة على بني آدم ، ويروى أن وجوههم مثل وجوه الإنس . وقوله : تنزل الملائكة والروح يعني أولئك . والروحاني من الخلق : نحو الملائكة ممن خلق الله روحا بغير جسد ، وهو من نادر معدول النسب . قال سيبويه : حكى أبو عبيدة أن العرب تقوله لكل شيء كان فيه روح من الناس والدواب والجن ، وزعم أبو الخطاب أنه سمع من العرب من يقول في النسبة إلى الملائكة والجن روحاني - بضم الراء - والجمع روحانيون . التهذيب : وأما الروحاني من الخلق فإن أبا داود المصاحفي روى عن النضر في كتاب الحروف المفسرة من غريب الحديث أنه قال : حدثنا عوف الأعرابي عن وردان بن خالد قال : بلغني أن الملائكة منهم روحانيون ، ومنهم من خلق من النور ، قال : ومن الروحانيين جبريل وميكائيل وإسرافيل - عليهم السلام - قال ابن شميل : والروحانيون أرواح ليست لها أجسام ، هكذا يقال ، قال : ولا يقال لشيء من الخلق روحاني إلا للأرواح التي لا أجساد لها مثل الملائكة والجن وما أشبههما ، وأما ذوات الأجسام فلا يقال لهم روحانيون ، قال الأزهري : وهذا القول في الروحانيين هو الصحيح المعتمد لا ما قاله ابن المظفر أن الروحاني الذي نفخ فيه الروح . وفي الحديث : الملائكة الروحانيون - يروى بضم الراء وفتحها - كأنه نسب إلى الروح أو الروح ، وهو نسيم الريح ، والألف والنون من زيادات النسب ، ويريد به أنهم أجسام لطيفة لا يدركها البصر . وفي حديث ضمام : إني أعالج من هذه الأرواح ، الأرواح هاهنا : كناية عن الجن سموا أرواحا لكونهم لا يرون ، فهم بمنزلة الأرواح . ومكان روحاني - بالفتح - أي : طيب . التهذيب : قال شمر : والريح عندهم قريبة من الروح كما قالوا : تيه وتوه ، قال أبو الدقيش : عمد منا رجل إلى قربة فملأها من روحه أي : من ريحه ونفسه . والرواح : نقيض الصباح ، وهو اسم للوقت ، وقيل : الرواح العشي ، وقيل : الرواح من لدن زوال الشمس إلى الليل . يقال : راحوا يفعلون كذا وكذا ورحنا رواحا ، يعني السير بالعشي ، وسار القوم رواحا وراح القوم ، كذلك وتروحنا : سرنا في ذلك الوقت أو عملنا وأنشد ثعلب :


                                                          وأنت الذي خبرت أنك راحل     غداة غد أو رائح بهجير



                                                          والرواح : قد يكون مصدر قولك راح يروح رواحا ، وهو نقيض قولك غدا يغدو غدوا . وتقول : خرجوا برواح من العشي ورياح ، بمعنى . ورجل رائح من قوم روح اسم للجمع ، ورءوح من قوم روح ، وكذلك الطير . وطير روح : متفرقة ، قال الأعشى :


                                                          ما تعيف اليوم في الطير الروح     من غراب البين أو تيس سنح



                                                          ويروى : الروح وقيل : الروح في هذا البيت : المتفرقة ، وليس بقوي ، إنما هي الرائحة إلى مواضعها ، فجمع الرائح على روح مثل خادم وخدم ، التهذيب : في هذا البيت قيل : أراد الروحة مثل الكفرة والفجرة ، فطرح الهاء . قال : والروح في هذا البيت المتفرقة . ورجل رواح بالعشي ، عن اللحياني : كرءوح ، والجمع رواحون ، ولا يكسر . وخرجوا برياح من العشي - بكسر الراء - ورواح وأرواح أي : بأول . وعشية : راحة ، وقوله :


                                                          ولقد رأيتك بالقوادم نظرة     وعلي من سدف العشي رياح



                                                          - بكسر الراء - فسره ثعلب فقال : معناه وقت وقالوا : قومك رائح ، عن اللحياني حكاه عن الكسائي قال : ولا يكون ذلك إلا في المعرفة ، يعني أنه لا يقال قوم رائح . وراح فلان يروح رواحا : من ذهابه أو سيره بالعشي . قال الأزهري : وسمعت العرب تستعمل الرواح في السير كل وقت ، تقول : راح القوم إذا ساروا وغدوا ، ويقول أحدهم لصاحبه : تروح ، ويخاطب أصحابه فيقول : تروحوا أي : سيروا ، ويقول : ألا تروحون ؟ ونحو ذلك ما جاء في الأخبار الصحيحة الثابتة ، وهو بمعنى المضي إلى الجمعة والخفة إليها ، لا بمعنى الرواح بالعشي . في الحديث : من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى أي : من [ ص: 258 ] مشى إليها وذهب إلى الصلاة ولم يرد رواح آخر النهار . ويقال : راح القوم وتروحوا إذا ساروا أي وقت كان . وقيل : أصل الرواح أن يكون بعد الزوال ، فلا تكون الساعات التي عددها في الحديث إلا في ساعة واحدة من يوم الجمعة ، وهي بعد الزوال كقولك : قعدت عندك ساعة إنما تريد جزءا من الزمن ، وإن لم يكن ساعة حقيقة التي هي جزء من أربعة وعشرين جزءا مجموع الليل والنهار ، وإذا قالت العرب : راحت الإبل تروح وتراح رائحة ، فرواحها هاهنا أن تأوي بعد غروب الشمس إلى مراحها الذي تبيت فيه . ابن سيده : والإراحة رد الإبل والغنم من العشي إلى مراحها حيث تأوي إليه ليلا ، وقد أراحها راعيها يريحها ، وفي لغة : هراحها يهريحها . وفي حديث عثمان - رضي الله عنه - روحتها بالعشي أي : رددتها إلى المراح . وسرحت الماشية بالغداة وراحت بالعشي أي : رجعت . وتقول : افعل ذلك في سراح ورواح أي : في يسر بسهولة ، والمراح : مأواها ذلك الأوان ، وقد غلب على موضع الإبل . والمراح - بالضم - : حيث تأوي إليه الإبل والغنم بالليل . وقولهم : ما له سارحة ولا رائحة أي : شيء وراحت الإبل وأرحتها أنا رددتها إلى المراح ، وفي حديث سرقة الغنم : ليس فيه قطع حتى يؤويه المراح . المراح - بالضم - : الموضع الذي تروح إليه الماشية أي : تأوي إليه ليلا ، وأما - بالفتح - فهو الموضع الذي يروح إليه القوم أو يروحون منه ، كالمغدى الموضع الذي يغدى منه . وفي حديث أم زرع : وأراح علي نعما ثريا أي : أعطاني ; لأنها كانت هي مراحا لنعمه ، وفي حديثها أيضا : وأعطاني من كل رائحة زوجا أي : مما يروح عليه من أصناف المال أعطاني نصيبا وصنفا ، ويروى : ذابحة - بالذال المعجمة والباء - وقد تقدم . وفي حديث أبي طلحة : ذاك مال رائح أي : يروح عليك نفعه وثوابه يعني قرب وصوله إليه ، ويروى بالباء وقد تقدم . والمراح - بالفتح - : الموضع الذي يروح منه القوم أو يروحون إليه كالمغدى من الغداة ، تقول : ما ترك فلان من أبيه مغدى ولا مراحا إذا أشبهه في أحواله كلها . والترويح : كالإراحة ، وقال اللحياني : أراح الرجل إراحة وإراحا إذا راحت عليه إبله وغنمه وماله ولا يكون ذلك إلا بعد الزوال ، وقول أبي ذؤيب :


                                                          كأن مصاعيب زب الرءو     س في دار صرم تلاقي مريحا



                                                          يمكن أن يكون أراحت لغة في راحت ، ويكون فاعلا في معنى مفعول ، ويروى : تلاقي مريحا أي : الرجل الذي يريحها . وأرحت على الرجل حقه إذا رددته عليه ، وقال الشاعر :


                                                          ألا تريحي علينا الحق طائعة     دون القضاة فقاضينا إلى حكم



                                                          وأرح عليه حقه أي : رده . وفي حديث الزبير : لولا حدود فرضت وفرائض حدت تراح على أهلها أي : ترد إليهم وأهلها هم الأئمة ، ويجوز بالعكس وهو أن الأئمة يردونها إلى أهلها من الرعية ، ومنه حديث عائشة : حتى أراح الحق على أهله . ورحت القوم روحا ورواحا ، ورحت إليهم : ذهبت إليهم رواحا ، أو رحت عندهم . وراح أهله وروحهم وتروحهم : جاءهم رواحا . وفي الحديث : على روحة من المدينة ، أي : مقدار روحة وهي المرة من الرواح . والروائح : أمطار العشي ، واحدتها رائحة ، هذه عن اللحياني وقال مرة : أصابتنا رائحة أي : سماء . ويقال : هما يتراوحان عملا أي : يتعاقبانه ، ويرتوحان مثله ، ويقال : هذا الأمر بيننا روح وروح وعور إذا تراوحوه وتعاوروه . والمراوحة : عملان في عمل ، يعمل ذا مرة وذا مرة ، قال لبيد :


                                                          وولى عامدا لطيات فلج     يراوح بين صون وابتذال



                                                          يعني يبتذل عدوه مرة ويصون أخرى أي : يكف بعد اجتهاد . والرواحة : القطيع من الغنم . وراوح الرجل بين جنبيه إذا تقلب من جنب إلى جنب ، أنشد يعقوب :


                                                          إذا اجلخد لم يكد يراوح     هلباجة حفيسأ دحادح



                                                          وراوح بين رجليه إذا قام على إحداهما مرة وعلى الأخرى مرة . وفي الحديث : أنه كان يراوح بين قدميه من طول القيام أي : يعتمد على إحداهما مرة وعلى الأخرى مرة ليوصل الراحة إلى كل منهما ، ومنه حديث ابن مسعود : أنه أبصر رجلا صافا قدميه ، فقال : لو راوح كان أفضل ، ومنه حديث بكر بن عبد الله : كان ثابت يراوح بين جبهته وقدميه أي : قائما وساجدا ، يعني في الصلاة ، ويقال : إن يديه لتتراوحان بالمعروف ، وفي التهذيب : لتتراحان بالمعروف . وناقة مراوح : تبرك من وراء الإبل . الأزهري : ويقال للناقة التي تبرك وراء الإبل : مراوح ومكانف ، قال : كذلك فسره ابن الأعرابي في النوادر . والريحة من العضاه والنصي والعمقى والعلقى والخلب والرخامى : أن يظهر النبت في أصوله التي بقيت من عام أول وقيل : هو ما نبت إذا مسه البرد من غير مطر ، وحكى كراع فيه الريحة على مثال فعلة ، ولم يحك من سواه إلا ريحة على مثال فيحة . التهذيب : الريحة نبات يخضر بعدما يبس ورقه وأعالي أغصانه . وتروح الشجر وراح يراح : تفطر بالورق قبل الشتاء من غير مطر ، وقال الأصمعي : وذلك حين يبرد الليل فيتفطر بالورق من غير مطر ، وقيل : تروح الشجر إذا تفطر بورق بعد إدبار الصيف ، قال الراعي :


                                                          وخالف المجد أقوام لهم ورق     راح العضاه به والعرق مدخول



                                                          وروى الأصمعي :


                                                          وخادع المجد أقواما لهم ورق



                                                          أي : مال . وخادع : ترك قال : ورواه أبو عمرو : وخادع الحمد أقوام أي : تركوا الحمد أي : ليسوا من أهله ، قال : وهذه هي الرواية الصحيحة . قال الأزهري : والريحة التي ذكرها الليث هي هذه الشجرة التي تتروح وتراح إذا برد عليها الليل فتتفطر بالورق من غير مطر ، قال : سمعت العرب تسميها الريحة . وتروح الشجر : تفطره وخروج ورقه إذا أورق النبت في استقبال الشتاء ، قال : وراح الشجر [ ص: 259 ] يراح إذا تفطر بالنبات . وتروح النبت والشجر : طال . وتروح الماء إذا أخذ ريح غيره لقربه منه . وتروح بالمروحة وتروح أي : راح من الرواح . والروح - بالتحريك - : السعة قال المنتخل الهذلي :


                                                          لكن كبير بن هند يوم ذلكم     فتخ الشمائل في أيمانهم روح



                                                          وكبير بن هند : حي من هذيل . والفتخ : جمع أفتخ ، وهو اللين مفصل اليد ، يريد أن شمائلهم تنفتخ لشدة النزع ، وكذلك قوله : في أيمانهم روح ، وهو السعة لشدة ضربها بالسيف ، وبعده :


                                                          تعلو السيوف بأيديهم جماجمهم     كما يفلق مرو الأمعز الصرح



                                                          والروح : اتساع ما بين الفخذين أو سعة في الرجلين ، وهو دون الفحج ، إلا أن الأروح تتباعد صدور قدميه وتتدانى عقباه . وكل نعامة روحاء ، قال أبو ذؤيب :


                                                          وزفت الشول من برد العشي كما     زف النعام إلى حفانه الروح



                                                          وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : أنه كان أروح كأنه راكب والناس يمشون ، الأروح : الذي تتدانى عقباه ويتباعد صدرا قدميه ، ومنه الحديث : لكأني أنظر إلى كنانة بن عبد ياليل قد أقبل يضرب درعه روحتي رجليه . والروح : انقلاب القدم على وحشيها ، وقيل : هو انبساط في صدر القدم . ورجل أروح وقد روحت قدمه روحا ، وهي روحاء . ابن الأعرابي : في رجله روح ثم فدح ثم عقل ، وهو أشدها ، قال الليث : الأروح الذي في صدر قدميه انبساط ، يقولون : روح الرجل يروح روحا . وقصعة روحاء : قريبة القعر ، وإناء أروح . وفي الحديث : أنه أتي بقدح أروح أي : متسع مبطوح . واستراح إليه أي : استنام ، وفي الصحاح : واستروح إليه أي : استنام . والمستراح : المخرج . والريحان : نبت معروف ، وقول العجاج :


                                                          عاليت أنساعي وجلب الكور     على سراة رائح ممطور



                                                          يريد بالرائح : الثور الوحشي ، وهو إذا مطر اشتد عدوه . وذو الراحة : سيف كان للمختار بن أبي عبيد . وقال ابن الأعرابي في قوله دلكت براح ، قال : معناه استريح منها ، وقال في قوله :


                                                          معاوي من ذا تجعلون مكاننا     إذا دلكت شمس النهار براح



                                                          يقول : إذا أظلم النهار واستريح من حرها ، يعني الشمس لما غشيها من غبرة الحرب فكأنها غاربة ، كقوله :


                                                          تبدو كواكبه والشمس طالعة     لا النور نور ولا الإظلام إظلام



                                                          وقيل : دلكت براح أي : غربت ، والناظر إليها قد توقى شعاعها براحته . وبنو رواحة : بطن . ورياح : حي من يربوع . وروحان : موضع . وقد سمت روحا ورواحا . والروحاء : موضع والنسب إليه روحاني ، على غير قياس . الجوهري : وروحاء ممدود ، بلد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية