الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ( 46 ) )

يقول تعالى ذكره : أفلم يسيروا هؤلاء المكذبون بآيات الله والجاحدون قدرته في البلاد ، فينظروا إلى مصارع ضربائهم من مكذبي رسل الله الذين خلوا من قبلهم ، كعاد وثمود وقوم لوط وشعيب ، وأوطانهم ومساكنهم ، فيتفكروا فيها ويعتبروا بها ويعلموا بتدبرهم أمرها وأمر أهلها سنة الله فيمن كفر وعبد غيره وكذب رسله ، فينيبوا من عتوهم وكفرهم ، ويكون لهم إذا تدبروا ذلك واعتبروا به وأنابوا إلى الحق ( قلوب يعقلون بها ) حجج الله على خلقه وقدرته على ما بينا ( أو آذان يسمعون بها ) يقول : أو آذان تصغي لسماع الحق فتعي [ ص: 658 ] ذلك وتميز بينه وبين الباطل . وقوله : ( فإنها لا تعمى الأبصار ) يقول : فإنها لا تعمى أبصارهم أن يبصروا بها الأشخاص ويروها ، بل يبصرون ذلك بأبصارهم; ولكن تعمى قلوبهم التي في صدورهم عن أنصار الحق ومعرفته .

والهاء في قوله : ( فإنها لا تعمى ) هاء عماد ، كقول القائل : إنه عبد الله قائم .

وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : " فإنه لا تعمى الأبصار " . وقيل : ( ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) والقلوب لا تكون إلا في الصدور ، توكيدا للكلام ، كما قيل : ( يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية