الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره ويطأها ثم يفارقها وتنقضي عدتها

                                                                                                                1433 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد واللفظ لعمرو قالا حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت جاءت امرأة رفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير وإن ما معه مثل هدبة الثوب فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك قالت وأبو بكر عنده وخالد بالباب ينتظر أن يؤذن له فنادى يا أبا بكر ألا تسمع هذه ما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 5 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 5 ] قولها ( فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير ) هو بفتح الزاي وكسر الباء بلا خلاف وهو الزبير بن باطاء ، ويقال : باطياء ، وكان عبد الرحمن صحابيا ، والزبير قتل يهوديا في غزوة بني قريظة . وهذا الذي ذكرنا من أن عبد الرحمن بن الزبير بن باطاء القرظي هو الذي تزوج امرأة رفاعة القرظي ، هو الذي ذكره أبو عمر بن عبد البر والمحققون ، وقال ابن منده وأبو نعيم الأصبهاني في كتابيهما في معرفة الصحابة : إنما هو عبد الرحمن بن الزبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن أوس ، والصواب الأول .

                                                                                                                قولها : ( فبت طلاقي ) أي طلقني ثلاثا .

                                                                                                                قولها ( هدبة الثوب ) هو بضم الهاء وإسكان الدال وهي طرفه الذي لم ينسج شبهوها بهدب العين وهو شعر جفنها .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك هو بضم العين وفتح السين تصغير [ ص: 6 ] عسلة وهي كناية عن الجماع شبه لذته بلذة العسل وحلاوته ، قالوا : وأنث العسيلة لأن في العسل نعتين التذكير والتأنيث ، وقيل : أنثها على إرادة النطفة ، وهذا ضعيف لأن الإنزال لا يشترط .

                                                                                                                وفي هذا الحديث أن المطلقة ثلاثا لا تحل لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره ، ويطأها ثم يفارقها ، وتنقضي عدتها . فأما مجرد عقده عليها فلا يبيحها للأول . وبه قال جميع العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ، وانفرد سعيد بن المسيب فقال : إذا عقد الثاني عليها ثم فارقها حلت للأول ، ولا يشترط وطء الثاني لقول الله تعالى : حتى تنكح زوجا غيره .

                                                                                                                والنكاح حقيقة في العقد على الصحيح وأجاب الجمهور ، بأن هذا الحديث مخصص لعموم الآية ، ومبين للمراد بها . قال العلماء : ولعل سعيدا لم يبلغه هذا الحديث .

                                                                                                                قال القاضي عياض : لم يقل أحد بقول سعيد في هذا إلا طائفة من الخوارج .

                                                                                                                واتفق العلماء على أن تغييب الحشفة في قبلها كاف في ذلك من غير إنزال المني . وشذ الحسن البصري فشرط إنزال المني وجعله حقيقة العسيلة .

                                                                                                                [ ص: 7 ] قال الجمهور : بدخول الذكر تحصل اللذة والعسيلة ، ولو وطئها في نكاح فاسد لم تحل للأول على الصحيح لأنه ليس بزوج .

                                                                                                                قوله : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم تبسم ) . قال العلماء : إن التبسم للتعجب من جهرها وتصريحها بهذا الذي تستحيي النساء منه في العادة ، أو لرغبتها في زوجها الأول وكراهة الثاني والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية