الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شعث

                                                          شعث : شعث شعثا وشعوثة فهو شعث وأشعث وشعثان وتشعث : تلبد شعره واغبر وشعثته أنا تشعيثا . والشعث : المغبر الرأس المنتتف الشعر ، الحاف الذي لم يدهن . والتشعث : التفرق والتنكث ، كما يتشعث رأس المسواك . وتشعيث الشيء : تفريقه . وفي حديث عمر أنه كان يغتسل وهو محرم ، وقال : إن الماء لا يزيده إلا شعثا أي تفرقا فلا يكون متلبدا ; ومنه الحديث : رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره . وفي حديث أبي ذر : أحلقتم الشعث ؟ أي الشعر ذا الشعث . والشعثة : موضع الشعر الشعث . وخيل شعث أي غير مفرجنة ومفرجنة : محسوسة ; وقول ذي الرمة :


                                                          ما ظل مذ وجفت في كل ظاهرة بالأشعث الورد إلا وهو مهموم

                                                          عنى بالأشعث الورد : الصفار وهو شوك البهمى إذا يبس ، وإنما اهتم لما رأى البهمى هاجت وقد كان رخي البال ، وهي رطبة ، والحافر كله شديد الحب للبهمى ، وهي ناجعة فيه ، وإذا جفت فأسفت تأذت الراعية بسفاها . ويقال للبهمى إذا يبس سفاه : أشعث . قال الأزهري : قال الأصمعي : أساء ذو الرمة في هذا البيت وإدخال إلا هاهنا قبيح ، كأنه كره إدخال تحقيق على تحقيق ، ولم يرد ذو الرمة ما ذهب إليه إنما أراد لم يزل من مكان إلى مكان يستقري المراتع إلا وهو مهموم ; لأنه رأى المراعي قد يبست فما ظل هاهنا ليس بتحقيق إنما هو كلام مجحود فحققه بإلا . والشعث والشعث : انتشار الأمر وخلله ; قال كعب بن مالك الأنصاري :


                                                          لم الإله به شعثا ورم به     أمور أمته والأمر منتشر

                                                          ، وفي الدعاء : لم الله شعثه ، أي جمع ما تفرق منه ، ومنه شعث [ ص: 88 ] الرأس . وفي حديث الدعاء : أسألك رحمة تلم بها شعثي أي تجمع بها ما تفرق من أمري ; وقال النابغة :


                                                          ولست بمستبق أخا لا تلمه     على شعث أي الرجال المهذب

                                                          قوله : لا تلمه على شعث أي لا تحتمله على ما فيه من زلل ودرء ، فتلمه وتصلحه ، وتجمع ما تشعث من أمره . وفي حديث عطاء : أنه كان يجيز أن يشعث سنا الحرم : ما لم يقلع من أصله ، أي يؤخذ من فروعه المتفرقة ما يصير به أشعث ولا يستأصله . وفي الحديث : لما بلغه هجاء الأعشى علقمة بن علاثة العامري نهى أصحابه أن يرووا هجاءه ، وقال : إن أبا سفيان شعث مني عند قيصر فرد عليه علقمة وكذب أبا سفيان . يقال : شعثت من فلان إذا غضضت منه وتنقصته من الشعث وهو انتشار الأمر ، ومنه حديث عثمان : حين شعث الناس في الطعن عليه أي أخذوا في ذمه والقدح فيه بتشعيث عرضه . وتشعث الشيء : تفرق . وتشعث رأس المسواك والوتد : تفرق أجزائه وهو منه . وفي حديث عمر أنه قال لزيد بن ثابت لما فرع أمر الجد مع الإخوة في الميراث : شعث ما كنت مشعثا أي فرق ما كنت مفرقا . ويقال : تشعثه الدهر إذا أخذه . والأشعث : الوتد ، صفة غالبة غلبة الاسم ، وسمي به لشعث رأسه ; قال :


                                                          وأشعث في الدار ذي لمة     يطيل الحفوف ولا يقمل

                                                          وشعثت من الطعام : أكلت قليلا . والتشعيث : التفريق والتمييز ، كانشعاب الأنهار والأغصان ; قال الأخطل :


                                                          تذريت الذوائب من قريش     وإن شعثوا تفرعت الشعابا

                                                          قال : شعثوا فرقوا وميزوا . والتشعيث في عروض الخفيف : ذهاب عين فاعلاتن فيبقى فالاتن فينقل في التقطيع إلى مفعولن شبهوا حذف العين ههنا بالخرم لأنها أول وتد ، وقيل : إن اللام هي الساقطة ; لأنها أقرب إلى الآخر ; وذلك أن الحذف إنما هو في الأواخر ، وفيما قرب منها ; قال أبو إسحاق : وكلا القولين جائز حسن إلا أن الأقيس على ما بلونا في الأوتاد من الخرم أن يكون عين فاعلاتن هي المحذوفة ، وقياس حذف اللام أضعف ; لأن الأوتاد إنما تحذف من أوائلها أو من أواخرها ، قال : وكذلك أكثر الحذف في العربية إنما هو من الأوائل أو من الأواخر ، وأما الأوساط : فإن ذلك قليل فيها ، فإن قال قائل : فما تنكر من أن تكون الألف الثانية من فاعلاتن هي المحذوفة حتى يبقى فاعلتن ، ثم تسكن اللام حتى يبقى فاعلتن ، ثم تنقله في التقطيع إلى مفعولن ، فصار مثل فعلن في البسيط الذي كان أصله فاعلن ، قيل له : هذا لا يكون إلا في الأواخر أعني أواخر الأبيات ، قال : وإنما كان ذلك فيها لأنها موضع وقف أو في الأعاريض لأن الأعاريض كلها تتبع الأواخر في التصريع ، قال : فهذا لا يجوز ولم يقله أحد . قال ابن سيده : والذي أعتقده مخالفة جميعهم ، وهو الذي لا يجوز عندي غيره أنه حذفت ألف " فاعلاتن " الأولى فبقي فعلاتن وأسكنت العين فصار فعلاتن ، فنقل إلى مفعولن فإسكان المتحرك قد رأيناه يجوز في حشو البيت ولم نر الوتد حذف أوله إلا في أول البيت ، ولا آخره إلا في آخر البيت ، وهذا كله قول أبي إسحاق . والأشعث : رجل . والأشاعثة والأشاعث : منسوبون إلى الأشعث بدل من الأشعثيين والهاء للنسب . وشعثاء : اسم امرأة ; قال جرير :


                                                          ألا طرقت شعثاء والليل دونها     أحم علافيا وأبيض ماضيا

                                                          قال ابن الأعرابي : و شعثاء اسم امرأة حسان بن ثابت . وشعيث : اسم إما أن يكون تصغير شعث أو شعث أو تصغير أشعث مرخما ; أنشد سيبويه :


                                                          لعمرك ما أدري ، وإن كنت داريا     شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر

                                                          ، ورواه بعضهم : شعيب ، وهو تصحيف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية