الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 246 ] كتاب الخلع ( 5746 ) مسألة ; قال : ( والمرأة إذا كانت مبغضة للرجل ، وتكره أن تمنعه ما تكون عاصية بمنعه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه ) وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها ، لخلقه ، أو خلقه ، أو دينه ، أو كبره ، أو ضعفه ، أو نحو ذلك ، وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته ، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه ; لقول الله تعالى { فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } وروي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح ، فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شأنك ؟ قالت : لا أنا ولا ثابت ، لزوجها ، فلما جاء ثابت ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه حبيبة بنت سهل ، فذكرت ما شاء الله أن تذكر وقالت حبيبة : يا رسول الله كل ما أعطاني عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس : خذ منها . فأخذ منها ، وجلست في أهلها . } وهذا حديث صحيح ، ثابت الإسناد ، رواه الأئمة مالك وأحمد وغيرهما ،

                                                                                                                                            وفي رواية البخاري ، قال : { جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق ، إلا أني أخاف الكفر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم . فردتها عليه ، وأمره ففارقها . }

                                                                                                                                            وفي رواية ، فقال له : { اقبل الحديقة وطلقها تطليقة } وبهذا قال جميع الفقهاء بالحجاز والشام . قال ابن عبد البر ولا نعلم أحدا خالفه ، إلا بكر بن عبد الله المزني ; فإنه لم يجزه ، وزعم أن آية الخلع منسوخة بقوله سبحانه : { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } . الآية وروي عن ابن سيرين وأبي قلابة أنه لا يحل الخلع حتى يجد على بطنها رجلا ; لقول الله تعالى : { ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } .

                                                                                                                                            ولنا الآية التي تلوناها ، والخبر ، وأنه قول عمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة ، لم نعرف لهم في عصرهم مخالفا ، فيكون إجماعا ، ودعوى النسخ لا تسمع حتى يثبت تعذر الجمع ، وأن الآية الناسخة متأخرة ، ولم يثبت شيء من ذلك . إذا ثبت هذا ، فإن هذا يسمى خلعا ; لأن المرأة تنخلع من لباس زوجها . قال الله تعالى : { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } ويسمى افتداء ; لأنها تفتدي نفسها بمال تبذله . قال الله تعالى : { فلا جناح عليهما فيما افتدت به . }

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية