الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6485 ) فصل : وإن اختلف الزوجان في الإنفاق عليها ، أو في تقبيضها نفقتها ، فالقول قول المرأة ; لأنها منكرة ، والأصل معها . وإن اختلفا في التمكين الموجب للنفقة ، أو في وقته ، فقالت : كان ذلك من شهر . فقال : بل من يوم . فالقول قوله ; لأنه منكر ، والأصل معه . وإن اختلفا في يساره فادعته المرأة ليفرض لها نفقة الموسرين ، أو قالت : كنت موسرا . وأنكر ذلك ، فإن عرف له مال ، فالقول قولها ، وإلا فالقول قوله . وبهذا كله قال الشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وإن اختلفا في فرض الحاكم للنفقة ، أو في وقتها ، فقال : فرضها منذ شهر . فقالت : بل منذ عام . فالقول قوله ، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي . وقال مالك : إن كان مقيما معها ، فالقول قوله ، وإن كان غائبا عنها ، فالقول قول المرأة من يوم رفعت أمرها إلى الحاكم . ولنا ، أن قوله يوافق الأصل ، فقدم ، كما لو كان مقيما معها ، وكل من قلنا : القول قوله فلخصمه عليه اليمين ; لأنها دعاوى في المال ، فأشبهت دعوى الدين ، ولأن { النبي صلى الله عليه وسلم قال : ولكن اليمين على المدعى عليه . } وإن دفع الزوج إلى امرأته نفقة وكسوة ، أو بعث به إليها فقالت إنما فعلت ذلك تبرعا وهبة . وقال : بل وفاء للواجب علي . فالقول [ ص: 168 ] قوله ; لأنه أعلم بنيته ، أشبه ما لو قضى دينه واختلف هو وغريمه في نيته .

                                                                                                                                            وإن طلق امرأته ، وكانت حاملا فوضعت ، فقال : طلقتك حاملا ، فانقضت عدتك بوضع الحمل ، وانقطعت نفقتك ورجعتك . وقالت : بل بعد الوضع ، فلي النفقة ، ولك الرجعة . فالقول قولها ; لأن الأصل بقاء النفقة ، وعدم المسقط لها ، وعليها العدة ، ولا رجعة للزوج ; لإقراره بعدمها . وإن رجع فصدقها ، فله الرجعة ; لأنها مقرة له بها . ولو قال : طلقتك بعد الوضع ، فلي الرجعة ، ولك النفقة . وقالت : بل وأنا حامل . فالقول قوله ; لأن الأصل بقاء الرجعة ، ولا نفقة لها ، ولا عدة عليها ; لأنها حق لله تعالى ، فالقول قولها فيها .

                                                                                                                                            وإن عاد فصدقها ، سقطت رجعته ، ووجب لها النفقة . هذا في ظاهر الحكم ، فأما فيما بينه وبين الله تعالى ، فينبني على ما يعلمه من حقيقة الأمر دون ما قاله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية