الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث الغزالة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني ، رحمه الله في كتابه " دلائل النبوة " . حدثنا سليمان بن أحمد إملاء ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون ، ثنا عبد الكريم بن هلال الجعفي ، عن صالح المري ، عن ، ثابت البناني ، عن أنس بن مالك قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم قد اصطادوا ظبية ، فشدوها على عمود فسطاط ، فقالت : يا رسول الله ، إني أخذت ولي [ ص: 33 ] خشفان ، فاستأذن لي أرضعهما وأعود إليهم . فقال : " أين صاحب هذه؟ " فقال القوم : نحن يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلوا عنها حتى تأتي خشفيها ترضعهما وترجع إليكم " . فقالوا : من لنا بذلك؟ قال : " أنا " . فأطلقوها فذهبت فأرضعت ، ثم رجعت إليهم فأوثقوها ، فمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أين صاحب هذه؟ " فقالوا : هو ذا نحن يا رسول الله . فقال : " تبيعونيها؟ " فقالوا : هي لك يا رسول الله . فقال : " خلوا عنها " . فأطلقوها فذهبت وقال أبو نعيم : حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي من أصله ، ثنا أحمد بن موسى بن أنس بن نصر بن عبيد الله بن محمد بن سيرين بالبصرة ، ثنا زكريا بن يحيى بن خلاد ، ثنا حبان بن أغلب بن تميم ، ثنا أبي ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن ضبة بن محصن ، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحراء من الأرض إذا هاتف يهتف : يا رسول الله ، يا رسول الله . قال : " فالتفت فلم أر أحدا " . قال : " فمشيت [ ص: 34 ] غير بعيد ، فإذا الهاتف : يا رسول الله ، يا رسول الله . فالتفت فلم أر أحدا ، وإذا الهاتف يهتف بي ، فاتبعت الصوت ، وهجمت على ظبية مشدودة في وثاق ، وإذا أعرابي منجدل في شملة ، نائم في الشمس ، فقالت الظبية : يا رسول الله ، إن هذا الأعرابي صادني قبيل ، ولي خشفان في هذا الجبل ، فإن رأيت أن تطلقني حتى أرضعهما ، ثم أعود إلى وثاقي؟ قال : " وتفعلين؟ قالت : عذبني الله عذاب العشار إن لم أفعل " . فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمضت فأرضعت الخشفين وجاءت . قال : فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يوثقها إذ انتبه الأعرابي ، فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، إني أصبتها قبيلا ، فلك فيها من حاجة؟ قال : قلت : " نعم " . قال : هي لك ، فأطلقها فخرجت تعدو في الصحراء فرحا ، وهي تضرب برجليها في الأرض وتقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال أبو نعيم : وقد رواه آدم بن أبي إياس ، فقال : حدثني ختني الصدوق نوح بن الهيثم ، عن حبان بن أغلب ، عن أبيه عن هشام بن حسان ، ولم يجاوزه به . وقد رواه أبو محمد عبد الله بن حامد الفقيه في كتابه " دلائل النبوة " من حديث إبراهيم بن مهدي ، عن حبان بن أغلب بن تميم ، عن [ ص: 35 ] أبيه ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن ضبة ، عن أم سلمة به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة ، أنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري ، ثنا علي بن قادم ، ثنا أبو العلاء خالد بن طهمان ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بظبية مربوطة إلى خباء ، فقالت : يا رسول الله حلني حتى أذهب فأرضع خشفي ثم أرجع فتربطني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صيد قوم وربيطة قوم " . قال : فأخذ عليها فحلفت له . قال : فحلها ، فما مكثت إلا قليلا حتى جاءت وقد نفضت ما في ضرعها ، فربطها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أتى خباء أصحابها ، فاستوهبها منهم فوهبوها له فحلها ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو تعلم البهائم من الموت ما تعلمون ، ما أكلتم منها سمينا أبدا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البيهقي : وروي من وجه آخر ضعيف ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، أنا أبو علي حامد بن محمد الهروي ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا [ ص: 36 ] أبو حفص عمر بن علي ، ثنا يعلى بن إبراهيم الغزال ، ثنا الهيثم بن جماز ، عن أبي كثير عن زيد بن أرقم قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض سكك المدينة . قال : فمررنا بخباء أعرابي ، فإذا بظبية مشدودة إلى الخباء ، فقالت : يا رسول الله ، إن هذا الأعرابي اصطادني ، وإن لي خشفين في البرية ، وقد تعقد اللبن في أخلافي ، فلا هو يذبحني فأستريح ، ولا هو يدعني فأرجع إلى خشفي في البرية . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن تركتك ترجعين؟ " قالت : نعم وإلا عذبني الله عذاب العشار . قال : فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم تلبث أن جاءت تلمظ ، فشدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخباء ، وأقبل الأعرابي ومعه قربة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتبيعنيها؟ " قال : هي لك يا رسول الله ، فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال زيد بن أرقم : فأنا والله رأيتها تسيح في البرية ، وهي تقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله ورواه أبو نعيم : ثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن من لفظه ، ثنا بشر بن موسى ، فذكره قلت : وفي بعضه نكارة . والله أعلم . وقد ذكرنا في باب تكثيره ، عليه الصلاة والسلام ، اللبن حديث تلك الشاة التي جاءت وهي في البرية ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن [ ص: 37 ] سعد مولى أبي بكر أن يحلبها فحلبها ، وأمره أن يحفظها ، فذهبت وهو لا يشعر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذهب بها الذي جاء بها " . وهو مروي من طريقين عن صحابيين ، كما تقدم . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية