الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنواع عقود صيانة الأجهزة وأحكامها

السؤال

أنا أعمل مدير مبيعات في شركة برامج كمبيوتر وتضطر هذه الشركة لعمل عقود صيانة مع العملاء بعد الانتهاء من الكفالة المجانية ولا أستطيع التهرب بالرفض لأن هذا الأمر في العرف السائد في البلد ولأن الزبائن هم من يطلبون ذلك، وتكون بالطبع هناك زيارات دورية مقابل هذا العقد، فهل يعتبر هذا مما عمت به البلوى أم من بيع الغرر، وما حكم العمولة في هذه العقود، وإن كانت حراماً هل أتركها للشركة أم آخذها وأتصدق بها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعقود الصيانة للكمبيوتر وغيره لها حالات:

الحالة الأولى: أن يكون العقد على عمل معلوم بأجرة معلومة فلا حرج في ذلك.

الحالة الثانية: أن يكون العقد على مدة معلومة بأجرة معلومة بحيث يكون الأجير أجيراً خاصاً فهو مستحق للأجرة سواء أنجز العمل خلال الفترة أو لم ينجزه، مثل أن يستأجر خمس ساعات في اليوم أو في الأسبوع أو في الشهر مقابل مائة ريال -مثلاً- وهذا لا حرج فيه أيضاً.

الحالة الثالثة: أن يكون العقد على عمل مجهول بأجرة معلومة وهذا لا يجوز لأنه من الغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.

وحقيقة الغرر: هو ما كان مستور العاقبة، وهذا متحقق في هذه المعاملة، لأن قِطع الكمبيوتر التي هي محل الضمان قد تتلف وقد لا تتلف، وإذا تلفت فقد تكون قيمتها مع أجرة تركيبها أقل من قيمة المبلغ المدفوع وقد تكون أكثر، فكما هو معلوم فإن هذه القطع قيمتها تساوي أضعاف قيمة المبلغ المدفوع وبعضها دونه.

كما أنه من المعلوم أن كثيرا من هذه القطع تتأثر بالاستعمال والناس يتفاوتون في ذلك، فبعضهم يستعمل الجهاز لفترات طويلة، وبعضهم يستعمله لفترات قصيرة، مما يجعل مقدار ما يحصل عليه كل شخص نظير ما دفع غير منضبط.

وهذه الجهالة أيضاً موجودة في بعض عقد بيع الأجهزة حيث يزيدون في الثمن مقابل ضمان صيانته لمدة سنة أو أكثر أو أقل.

وكون هذه العقود الفاسدة قد انتشرت حتى عمت بها البلوى لا يجعلها مباحة؛ بل الواجب هو نصح من يباشرها ونهيه عن ذلك وبيان الحكم الشرعي له، وعلى هذا فلا يجوز لك العمل في صيانة الأجهزة إذا كان العقد بين العميل والشركة هو كما في الحالة الثالثة لأنه من الإعانة على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

أما عن العمولة التي تأخذها من الشركة فهي عبارة عن هبة منهم لك فلا حرج عليك في أخذها إن شئت، وكذا الراتب الذي تأخذه مقابل الصيانة يجوز لك أخذه لأنك تحصلت عليه مقابل عمل ليس محرما في ذاته، وإنما أتى المنع منه للإعانة على العقد الفاسد، وقد ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن بيع العنب لمن يتخذه خمراً حرام للإعانة، ومع ذلك فالبيع صحيح وللبائع التصرف في الثمن كيفما شاء، وذهب الحنابلة إلى فساد العقد مع الحرمة، هذا من حيث صفة عقد الصيانة.

لكن بقي السؤال ما حكم صيانة الأجهزة أصلاً؟

وللجواب عن ذلك نقول: إن الطالب لصيانة هذه الأجهزة لا يخرج عن ثلاث حالات هي:

الحالة الأولى: أن تعلم أو يغلب على ظنك أن هذا الشخص سيستخدمها فيما هو محرم، فيحرم حينئذ صيانتها له، ولو صاحب ذلك استخدامه لها في المباح.

والحالة الثانية: أن تعلم أو يغلب على ظنك أن هذا الشخص سيستخدمها في المباح فقط، فلا حرج حينئذ في بيعها له، وكذلك صيانتها.

الحالة الثالثة: أن يستوي عندك الطرفان، أو لا تعلم في ماذا سيستخدمها، وحينئذ تعمل بغالب حال المستخدمين فإن كان الغالب هو ألا يستخدموها إلا في ما هو مباح فقط فلك بيعها له وإلا فلا يجوز لك ذلك، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 13614، والفتوى رقم: 20048.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني