الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التهرب من دفع قيمة الكهرباء بسبب الفقر

السؤال

سؤالي باختصار هو أنه في مدينتي أصبح شائعا بين السكان أن أجهزة التكييف توصل بالكابل الكهربائي دون المرور بعداد الكهرباء أي يكون بدون مقابل وذلك لأن أجهزة التكييف تستهلك الكثير من الطاقة الكهربائية وبالتالي الكثير من المال ومتوسط دخل الفرد لا يستطيع تسديد هذه الفواتير وشركة الكهرباء لم تتخذ أي إجراء حيال هذا الموضوع مع علم حضراتك أن هذا الأمر له أكثر من عشرين عاماً على هذه الحال وأنا أسكن مع أبي في بيتنا حاولت مناقشة أهلي في هذا الموضوع لكنهم لم يتفهموا حقيقته وقلت إنها قد تكون سرقة فلا أعلم ماذا أفعل حيال هذا وإن استمروا على عدم قطع التكييف بهذه الطريقة هل تنصحني بعدم البقاء في مكان مكيف بمثل هذه الطريقة؟ وماذا أفعل حين الضرورة؟ أثابكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز التهرب من دفع ثمن الكهرباء التي توفرها الدولة، والتي يستهلكها الشخص، سواء كان ذلك بعدم توصيل خط الكهرباء بالعداد أو بإيقاف العداد أو نحو ذلك، لأن هذا من أكل المال العام بغير حق، ولكن إذا فرض أن بعض الناس مضطرون ضرورة حقيقية لاستخدام هذه الكهرباء، بحيث يترتب على عدم استخدامها هلاك للنفس أو مشقة شديدة، وحرج كبير في معايشهم، ولا يستطيعون دفع ثمنها، فلهم أن يستخدموها، ولا يجب عليهم بذلك ثمنها ما داموا عاجزين عن دفع الثمن، ويلزم الدولة في هذه الحالة أن توفر لهم تلك الكهرباء مجاناً - إن كانت تستطيع - وإلا ألزمت الموسرين أن يقوموا بهؤلاء المضطرين، فقد ذكر الفقهاء أن من فروض الكفاية على الأغنياء دفع ضرر المسلم، ككسوة العاري، وإطعام الجائع، وفك الأسير، وذلك إذا لم يندفع الضرر بزكاة ولا بيت مال ونحوهما.

قال الشربيني الخطيب: دفع ضرر المسلمين فرض كفاية على الموسرين، ككسوة عار وإطعام جائع.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: المضطر إلى طعام الغير إن كان فقيراً فلا يلزمه عوض إذ إطعام الجائع وكسوة العاري فرض كفاية ويصيران فرض عين على المعين إذا لم يقم به غيره.

وإذا تقرر هذا، فإذا كان أهلك غير مضطرين لاستعمال هذه المكيفات ضرورة حقيقية، فلا يجوز لهم التهرب من دفع ثمن الكهرباء التي تستهلكها هذه المكيفات، وعليك بنصحهم، واستعن على ذلك بالله ثم ببعض أهل الخير والصلاح، فإن قبلوا فالحمد لله، وإن لم يقبلوا فلا يلزمك مغادرة المكان الذي يقومون بتكييفه دون أن يدفعوا ثمن الكهرباء، لأن لك حقاً في البقاء في المكان، وتكييفهم له بطريقة محرمة لا يسقط حقك بالبقاء فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني