الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استثمارات محرمة وأخرى مباحة

السؤال

- أرجو المعذرة في الاطاله ولكن هذا الموضوع هام جدا ومصيري
- منذ فتره تعرفت على أسلوب جديد للعمل وهو الربح من خلال الانترنت وهناك أكثر من مجال للربح , وكباقي المجالات فمنها المحلل ومنها المحرم , فمن المحرمات مثلا مجالات مثل القمار أوتعتمد على تسويق إعلانات مخلة بالأدب , وهذه المجالات بالطبع واضح حرمتها ولا جدال فيها.
وهناك مجالات لا بأس بها مثل تسويق منتجات عادية, وتسويق إعلانات لا تخالف الشرع وغيرها.
ولكن هناك بعض المجالات الأخرى وسوف أسأل عن مجال محدد منها وهو شركات تدعى شركات الهايب وهو مصطلح أجنبي وهواختصار لجمله معناها "برامج الاستثمارات ذات الربحية العالية" , فإنها بالفعل أرباحها كبيرة .
وإنه يوجد كثير من شركات الهايب هذه على الانترنت , وكل واحده تعرض خدماتها في موقع خاص بها , وهى تعرض عليك أكثر من خطة للاستثمار , وسوف أطرح مثالا لهذه الخطط كالتالي :
1- إذا استثمرت أموالك في الشركة لمدة يومين سوف تستردها وعليها أرباح بمقدار 5 في المائة من قيمة المبلغ الذي استثمرته.
2- إذا استثمرت أموالك لمدة أربعة أيام سوف تستردها وعليها أرباح بمقدار 12 في المائة من قيمة المبلغ الذي استثمرته.
3- إذا استثمرت أموالك لمدة سبعة أيام سوف تستردها وعليها أرباح بمقدار 30 في المائة من قيمة المبلغ الذي استثمرته.
وتختلف عدد الخطط من موقع لآخر فهناك مواقع كثيرة ويتم عرض كل هذه الخطط أمامك ويمكنك الاشتراك بالخطة التي تريدها ولا يجبرك احد على شيء ولا تجبر أنت الشركة على شيء ولكن كل هذا يتم بالتراضي أي أنت الذي تبحث عن الشركة وعروضها وعندما يعجبك عرض تستثمر أموالك حسب شروطه .
أي انك تعتبر شريكا برأس المال ولكن ليس لك حق الإدارة ولكن لك نسبة معينة من أصل المبلغ الذي دفعته وأنت ترتضيها ولذلك تقبل الاستثمار مع هذه الشركة , فهي تأخذ كل أموال المشاركين وتستثمرها في مجالات ليس لك خبرة بها وتربح وتجعلك تربح معها ولكن تربح نسبة معينة من رأسمالك قد حددتها الشركة لك من قبل وأنت ارتضيتها .
يوجد مثل هذه المعاملة في معاملاتنا الموجودة بيننا , فمثلا انتشر الوضع أن يشتري رجل سيارة ليجعلها تاكسي ويعطيها لسائق ليعمل عليها ويطلب منه مبلغا ثابتا كل أول شهر , فمثلا يقول له أريد منك 500 جنيه كل أول شهر والباقي لك أنت , ويتراضى الطرفان على ذلك .. وأنا لا أجد فارقا بين هذين الموقفين.. ولا رأي لي بعد رأيكم .. فأرجو توضيح موقف الشرع من هذه المعاملة وهل استثمار الأموال بهذا الأسلوب جائز شرعا أم لا ؟
-النقطه الثانية التي أريد السؤال عنها مثل كل الشركات الموجودة فإنه يوجد نوعان من شركات الهايب , فيوجد شركات صادقة فعلا وهى بالفعل تستثمر الأموال في مجالات مختلفة مثل الفوركس وتجارة الأراضي والتسويق عبر الانترنت وغيرها , ولكن معظم الاستثمارات تكون في مجال الفوركس وهو بورصة العملات وهو مجال مربح جدا جدا وأرباحه كبيرة جدا ولذلك فإن كل شركات الهايب تقول إنها تستثمر أموالها أساسا في هذا المجال وفى مجالات مختلفة .
وعلى النقيض فهناك شركات نصابة لا تستثمر الأموال ولكن على الأرجح أنها تأخذ من أموال المستثمرين الجدد لتدفع للقدامى وهكذا , ولكن هذه الشركات لا تستمر طويلا فهي تستمر لأسبوع أو أسبوعين أو شهر على الأكثر , على عكس الشركات الجيدة والتي تستمر لشهور طويلة وسنوات .
ولكن المشكلة أنه يصعب التفريق بين الشركة الجيدة والشركة النصابة, ولكن هناك طرق عديدة يمكننا من خلالها ترجيح كفة شركة إذا كانت نصابة أم لا .. فهناك مواقع لتحليل شركات الهايب لتوضيح الشركات الجيدة من النصابة وهناك طرق أخرى يمكننا اتباعها .
فما حكم التعامل مع شركة هايب بعد التقصي والأخذ بالأسباب في البحث عن مدى جدية هذه الشركة , وإذا غلب ظني أو بحثي عن أن هذه الشركة من النوع الجيد فهل يمكنني أن أشترك بها ؟
-ملحوظة.. هناك في كل موقع للهايب يوجد صفحة للشروط وهي كالعقد بينك وبين الشركة , ومن هذه الشروط أنهم يقولون إن هناك مخاطرة في استثمار الأموال – فهم بالطبع لا يضمنون الربح دائما – وأنه يمكن أن تخسر المبلغ الذي استثمرته ولذلك يجب عليك أن تكون حذرا وتستثمر أموالا فائضة عن حاجتك حتى إذا خسرتها لا تؤثر عليك .... وأيضا يكتبون هذه الجملة باستمرار " يجب عليك أن تعرف أننا تجار حقيقيون وأننا نستثمر أموال المشاركين في استثمارات كبيرة " .
وأنا لا أرى أن في هذا خطأ أن يخبروك عن إمكانية الخسارة , هذا رأيي والله أعلم .
- أنا بالفعل استثمرت معهم مبلغا ضئيلا وهو دولار ونصف وقد عاد لي في مدة قصيرة 17 دولارا ونصف وقد تم دفعهم في حسابي بالفعل .
آسف على الإطالة ولكن أحببت أن أغطي الموضوع جيدا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبه بداية إلى أن السؤال فيه نوع من التناقض حيث ذكرت في البداية أنواعا من خطط هذه الشركات تشترط لك رد رأس المال إضافة إلى نسبة من قيمة المبلغ، ثم ذكرت في النهاية أنهم يقولون إنه يمكن أن تخسر المبلغ الذي استثمرته ولا يضمنون تحقيق أرباح.

وعلى كل حال، فإذا كانت هذه الشركات تضمن لك رد رأس المال إضافة إلى نسبة منه فهذه معاملة محرمة ولا تختلف عما تفعله البنوك الربوية من اقتراض المال مقابل فائدة ربوية، وتسمية الاقتراض استثمارا والفائدة الربوية ربحا لا يغير من حقيقة الأمر شيئا، فالعبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني، حيث إن ضمان رأس المال إضافة إلى زيادة هي حقيقة القرض الربوي لا الاستثمار الشرعي الذي يكون فيه رأس المال معرضا للربح والخسارة، وما يستحقه رب المال فيه في حالة الربح إنما هو نسبة من رأس المال محددة سلفا فهذه أيضا معاملة محرمة. وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 28410.

وأما قولك إنك لا ترى فرقا بين هذه المعاملة وبين من يعطي التاكسي لمن يعمل عليه مقابل مبلغ ثابت فهذا خطأ؛ لأن هذه المعاملة الأخيرة هي إجارة جائزة يؤجر فيها صاحب التاكسي سيارته لهذا السائق نظير أجرة محددة، بينما تلك المعاملة الأولى ربا محرم، لأن النقود لا تؤجر؛ كما هو موضح في الفتوى رقم: 47310، وإذا فرض أن هناك شركات تستثمر المال في المجالات المباحة ولا تضمن رأس المال أي أنه معرض للربح والخسارة، وما يستحقه رب رأس المال في حالة الربح هو نسبة من الربح متفق عليها مسبقا لا من رأس المال فهذا الاستثمار استثمار شرعي ويجوز الاشتراك فيها، ولكن الجهات التي ذكرتها لا تصلح مثالا لما هو مباح بحال من الأحوال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني