الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس كل هم وحزن يتنافى مع الإيمان بالقدر

السؤال

أشعر في كثير من الأحيان بالضيق، ومررت بفترة أصابني فيها الاكتئاب، وشعرت أن الأبواب جميعها سدت في وجهي، ولم أعلم كيف أصابني ذلك، فهل هذا الأمر يتنافى مع الإيمان بقضاء الله؟ وهل يدل على أنني غير متوكلة على الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالهم والحزن من الأمور التي لا يعرى عنها بشر ولا ينفك عنها إنسان، والمؤمنون يصيبهم من ذلك ما قدره الله تعالى عليهم، ولا يتنافى ذلك مع إيمانهم بربهم تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه أكمل الناس إيمانا بعد النبيين: لا تحزن إن الله معنا{التوبة:40}.

قال ابن القيم رحمه الله: فَالْحُزْنُ لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ، وَلَا مَقْصُودٍ، وَلَا فِيهِ فَائِدَةٌ، وَقَدِ اسْتَعَاذَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ـ فَهُوَ قَرِينُ الْهَمِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ الَّذِي يَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ، إِنْ كَانَ لِمَا يُسْتَقْبَلُ أَوْرَثَهُ الْهَمَّ، وَإِنْ كَانَ لِمَا مَضَى أَوْرَثَهُ الْحُزْنَ، وَكِلَاهُمَا مُضْعِفٌ لِلْقَلْبِ عَنِ السَّيْرِ، مُقَتِّرٌ لِلْعَزْمِ، وَلَكِنَّ نُزُولَ مَنْزِلَتِهِ ضَرُورِيٌّ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ، وَلِهَذَا يَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ { فاطر: 34} فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانَ يُصِيبُهُمْ فِي الدُّنْيَا الْحَزَنُ، كَمَا يُصِيبُهُمْ سَائِرُ الْمَصَائِبِ الَّتِي تَجْرِي عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ. انتهى.

ولكن المؤمن مأمور إذا أصابه شيء من ذلك أن يتلقاه بالصبر والاحتساب، وأن يسعى في دفعه عنه بكل ممكن، لأنه من قواطع الطريق إلى الله تعالى، والشيطان يفرح بهذا فرحا عظيما، يقول ابن القيم رحمه الله: وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الْحُزْنَ مُوقِفٌ غَيْرُ مُسَيِّرٍ، وَلَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْقَلْبِ، وَأَحَبُّ شَيْءٍ إِلَى الشَّيْطَانِ أَنْ يَحْزَنَ الْعَبْدُ لِيَقْطَعَهُ عَنْ سَيْرِهِ، وَيُوقِفَهُ عَنْ سُلُوكِهِ. انتهى.

فعليك أيتها الأخت الكريمة ألا تجعلي للشيطان عليك سبيلا بهذا الهم الذي يرميك به، وواجهيه واسعي في التخلص منه بالوسائل الشرعية من الأدعية والأذكار وتكميل التوكل على الله ونحو ذلك من الوسائل، وانظري لمزيد الفائدة حولها الفتوى رقم: 118940.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني