الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم انتقاض الطهارة أثناء الطواف أو الشك فيها

السؤال

كنت في العمرة وأثناء الطواف يحدث التصاق بين الرجال والنساء نتيجة الزحام، وأثناء الطواف في نهار رمضان أشعر بشيء ينزل مني نتيجة هذا التلامس، حدث هذا معي ثلاث مرات، فما حكم هذا السلس؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المراد بقولك: أشعر بخروج شيء أثناء الطواف ـ أنك لم تكن على يقين من ذلك، بل مجرد شك فإنه لا عبرة بهذا الشعور، ولا يؤثر على صحة الطهارة التي تتوقف صحة الطواف عليها، فمن كان على طهارة متيقنة لم يؤثر الشك على طهارته، لأن اليقين لا يزول بالشك، والأصل بقاء الطهارة، ودليل هذه القاعدة الجليلة قول النبي صلى الله عليه وسلم المتفق على صحته في الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.

ففي مجموع الفتاوى للشيخ عبد العزيز بن باز ـ حمه الله تعالى ـ ضمن جواب سائل يشك في خروج المذي منه بعد الوضوء: ومادام عندك شك ولو قليلا، ولو واحد في المائة لا تلتفت إلى هذا الشيء، واحمله على الوهم وأنه ليس بصحيح. انتهى.

كما أن المس من فوق حائل كما هو الغالب في حالة الطواف غير ناقض للوضوء إذا لم يخرج شيء، قال النووي في المجموع: ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ الْتِقَاءَ بَشَرَتَيْ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَجْنَبِيَّةِ ينتقض سواء كان بشهوة وبقصد أم لا ولا ينتقض مَعَ وُجُودِ حَائِلٍ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا.. الْمَذْهَبُ الثَّانِي لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِاللَّمْسِ مُطْلَقًا. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 41160

أما إن كنت على يقين من خروج شيء أثناء الطواف فقد انتقض الوضوء حينئذ وقد كان عليك الخروج من الطواف والتطهر بالغسل إن كان الخارج منيا، وإن كان مذيا وهوالذي يخرج في مثل هذه الحالات غالبا فيجب غسل الذكر وتطهير ما أصيب به من البدن والملابس وإعادة الوضوء واستئناف الطواف من جديد، لأن الطهارة شرط لصحة الطواف في قول أكثر أهل العلم ولا يعتبر هذا سلسا، لأنه غير ملازم فيما يبدو، هذا ما يجب فعله في هذه الحالة، وإذا لم تكن فعلت ذلك وأديت طواف العمرة وأنت على طهارة ثم سعيت بعده فإن عمرتك لم تكتمل بناء على قول الجمهور وعليه، فأنت باق على إحرامك فيجب عليه الرجوع إلى مكة لإكمال العمرة بالطواف والسعي بعده، وإن عجزت عن الرجوع إلى مكة فأنت بمثابة المحصر الذي تقدم حكمه في الفتوى رقم: 64931.

مع أننا نرى أن لك الأخذ بقول من يرى سنية الطهارة للطواف كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهذا يعني عدم ثأثر صحة الطواف بانتقاض الطهارة أثناءه، وانظر الفتوى رقم: 131118.

وهذا القول وإن كان مرجوحا عندنا لكن الفتوى بالقول المرجوح بعد وقوع الأمر وتعذر التدارك مما سوغه كثير من العلماء وانظر الفتوى رقم: 125010.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني