الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب الزواج على القادر على تكاليفه؟

السؤال

جزاكم الله خيرًا على هذا الموقع الذي زاده الله بركة وحماه دائماً يا رب العالمين.
سؤالي هو: أنا أقيم حالياً في بلد عربي، وأنا من مصر، وأنا جاهز للزواج الآن، حيث إن بيوتنا في الريف بيوت عائلية يكون لكل واحد منا شقة، فكل حاجة جاهزة للزواج، ولكن مشكلتي أن العمل هناك ليس متوفراً، وإني على قدر استطاعتي في سفري أتقي الله، ولكن أنا كل فترة وفترة أفعل العادة السرية، وكل مرة أقول لن أرجع لها، ولكن نفسي تغلبني على المعصية. فهل علي وز؟ أنا أستطيع الزواج ولم أفعل، ولكني أكون نفسي هنا؛ لكي أفتح مشروعاً وأجد عملاً لي في بلدي، ثم أرجع وأتزوج إن شاء الله. أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قسم العلماء الناس في النكاح أقساماً، فمنهم من يجب عليه النكاح، ومنهم من يستحب له ومن يكره له .. الخ، قال ابن قدامة في المغني: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب ; منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح , فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ; لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحرام , وطريقه النكاح.

الثاني: من يستحب له , وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور, فهذا الاشتغال له به أولى من التخلي لنوافل العبادة. وهو قول أصحاب الرأي. وهو ظاهر قول الصحابة رضي الله عنهم , وفعلهم.

القسم الثالث: من لا شهوة له, إما لأنه لم يخلق له شهوة كالعنين, أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه, ففيه وجهان; أحدهما: يستحب له النكاح لعموم ما ذكرنا. والثاني: التخلي له أفضل. انتهى.

وقال النووي في المنهاج مع شرحه للشربيني: (هو مستحب لمحتاج إليه ) بأن تتوق نفسه إلى الوطء ( يجد أهبته ) وهي مؤنه من مهر وكسوة فصل التمكين, ونفقة يومه .. وقيل: يجب إذا خاف الزنا. ( فإن فقدها ) أي الأهبة ( استحب ) له ( تركه ) لقوله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، ولمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة فليتزوج. ( ويكسر) إرشاداً (شهوته بالصوم) للخبر السابق.

( فإن لم يحتج ) للنكاح بأن لم تتق نفسه له من أصل الخلقة أو لعارض كمرض أو عجز ( كره ) له ( إن فقد الأهبة ) لما فيه من التزام ما لا يقدر على القيام به من غير حاجة. ( وإلا ) بأن وجد الأهبة مع عدم حاجته للنكاح ولا علة به ( فلا ) يكره له لقدرته عليه, ( قلت ) كما قال الرافعي في الشرح ( فإن لم يتعبد ) فاقد الحاجة للنكاح واجد الأهبة الذي لا علة به ( فالنكاح ) له ( أفضل ) من تركه ( في الأصح ) كي لا تفضي به البطالة والفراغ إلى الفواحش, والثاني: تركه أفضل منه للخطر في القيام بواجبه, وفي الصحيح: اتقوا الله واتقوا النساء, فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء. انتهى بتصرف.

وعليه، فإن كنت تخشى على نفسك من الوقوع في الحرام، فالزواج واجب عليك وتأثم بتركه، وإن لم تكن تخشى ذلك، فيستحب لك الزواج وأنت قادر عليه، وينبغي لك المبادرة إليه ما دمت قادراً عليه، قال عمر رضي الله عنه: ما رأيت مثل من ترك النكاح بعد قوله تعالى: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ.

وروى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاث حق على الله أن يعينهم: منهم: الناكح يريد أن يستعفف. وانظر حكم العادة السرية في الفتوى: 7170، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني