الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مريض بالوسواس القهري ويريد أن ينعزل عن أسرته

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمسيدي العزيز أنا أعاني من مرض (الوسواس القهري الشديد واضطراب نفسي شديد وكذلك اضطراب سلوكي وسط) بدأت مراجعة الأطباء النفسانيين لتلقي العلاج وأكد لي أحد الأطباء بأن العلاج شبه مستحيل وخاصة بعد مرور أكثر من عشرين سنة على حالتي ووصفوا لي بعض المضادات ضد الاكتئاب والأرق والمنامات الليلية (كوابيس).
سؤالي هو: هل في حالتي هذه أنا أؤاخذ وأحاسب أي أكون مذنبا أو أقترف إثما في أوقات صدور أفعال أو أقوال رغما عني حيث أكون سريع الغضب ودائم التوتر وأهيج بأبسط كلمة وعندما تهدأ عندي ثورة الغضب أندم كثيراً على ما بدر مني علما بأنني دائما أحاول أن أتمالك نفسي أو أن أغض الطرف عن الهفوات التي تصدر من عائلتي أو الأصدقاء فلا ينفع ذلك بل أثور غصبا عني... الحمد لله أنا رجل متدين وأحرص كل الحرص على إقامة وأداء شعائر الدين الإسلامي الحنيف بأدق صورة ممكنة مع هذا يحدث عندي فترات فتور في إقامة الصلاة بخشوع أو تلاوة القرآن بتدبر أو أتوقف عن صيام أيام الاثنين والخميس لفترة قد تطول إلى ثلاثة أشهر وهذا كله ناتج من حالتي النفسية غير المستقرة.. وعدم استقرار حالتي تؤدي بي أحيانا كثيراً إلى اتخاذ قرارات خاطئة وخطيرة بحقي وحق أسرتي وأولادي تؤدي إلى هدم الأسرة وأحيانا كثيرة أحيل اتخاذ القرار إلى زوجتي وهي مؤمنة وامرأة محنكة وبعد فترة أخرى أقوم بلومها على اتخاذها القرار حقيقة إنها معاناة كبيرة وخطيرة فأنا نفسي قد مللت من نفسي وعدم استمرارها فالله يكون في عون أسرتي.أفكر في ترك أسرتي تعيش في حريتها وفي سلام مع توفير مستلزمات الحياة الحرة الكريمة لهم وأريد أن أعيش في بيت منعزل منهم كي لا أفسد عليهم حياتهم وهم في مقتبل العمر والحمد لله لقد ربيتهم جميعا على ضوء الشريعة والدين وتقوى الله تعالى ولن أكون بعيدا عنهم في حالة احتياجهم إلي، فهل علي أي إثم أو ذنب إن فعلت كذلك فأفيدونا رحمنا ورحمكم رحمن السماوات والأرض؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية نسأل الله أن يشفيك ويعافيك من هذه الوساوس، وما ذكرته من سرعة الغضب والتوتر والهيجان التي قلت إنها تأتيك في بعض الأحيان رغماً عنك، فإنك لست مؤاخذاً بها إن شاء الله لقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.

ثم ما ذكرت أنك تفكر فيه من ترك أسرتك نقول إنك لست آثماً إذا فعلت هذا الذي تفكر فيه، ولكنا لا ننصحك بفعله، لأنه قد يزيد الحالة النفسية التي أنت فيها سوءً وقد لا يكون هو الصواب عند أهلك، فالأفضل أن تبقى معهم كما كنت فأهلك هم الأولى بك وهم الذين يعرفون حالك، وينبغي لهم ألا يؤاخذوك، وراجع في بيان أسباب التخفيف من ثورة الغضب الفتوى رقم: 62950.

وعليك أن تجتهد في العلاج قدر طاقتك... واعلم أنه ما من داء إلا وقد جعل الله له دواء كما في الحديث، فخذ بالأسباب المشروعة وأكثر من الدعاء وتحر أوقات الإجابة ولا تمل ولا تيأس ولا تقنط فإن الله تعالى يستجيب للداعي ولا بد ما لم يمل ويترك الدعاء، وبإمكانك أن تتواصل مع قسم الاستشارات في موقعنا هذا.. ونسأل الله تعالى أن يعجل بشفائك إنه على كل شيء قدير وهو أكرم الأكرمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني